ومن أدراكم أنه حظ سيء ؟
كان حكيم يعيش فوق تل من التلال ويملك جواداً وحيداً محبباً إليه
ففر جواده وجاء إليه جيرانه يواسونه لهذا الحظ العاثر فأجابهم بلا حزن
ومن أدراكم أنه حظٌ عاثر ؟
وبعد أيام قليلة عاد إليه الجواد مصطحباً معه عدداً من الخيول البرية فجاء إليه
جيرانه يهنئونه على هذا الحظ السعيد فأجابهم بلا تهلل
ومن أدراكم أنه حظٌ سعيد ؟
ولم تمضي أيام حتى كان ابنه الشاب يدرب أحد هذه الخيول
البرية فسقط من فوقه وكسرت ساقه وجاءوا للشيخ يواسونه في هذا الحظ السيئ
فأجابهم بلا هلع
ومن أدراكم أنه حظ سيء ؟
وبعد أسابيع قليلة أعلنت الحرب وجندت الدولة شباب القرية
والتلال وأعفت ابن الشيخ من القتال لكسر ساقه فمات في الحرب شبابٌ كثيرون ::
وهكذا ظل الحظ العاثر يمهد لحظ سعيد والحظ السعيد يمهد لحظ
عاثر الى ما لا نهاية في القصة.
وليست في القصة فقط بل وفي الحياة لحد بعيد
فأهل الحكمة لا يغالون في الحزن على شيء فاتهم لأنهم لا
يعرفون على وجهة اليقين
إن كان فواته شراً خالصا.. أم خير خفي أراد الله به أن يجنبهم
ضرراً أكبر ولا يغالون
أيضاً في الابتهاج لنفس السبب ويشكرون الله دائماً على كل ما
أعطاهم ويفرحون باعتدال
ويحزنون على ما فاتهم بصبر وتجمل
وهؤلاء هم السعداء فأن السعيد هو الشخص القادر على تطبيق
مواجهة الواقع بمرونة وإيمان
ولكن ليس معنى ذلك الاستسلام للفشل أو اليأس او الفقر او غيره
مما لا يرضى عنة الإنسان
لا يفرح الإنسان لمجرد أن حظه سعيد فقد تكون السعادة طريقًا
للشقاء