[b][size=24]صفقة مع أبليس
*********
أهداء
ألى كل المتعبين والمنحوسين والتعساء فى هذة الحياة
الى كل الحالمين والمقهورين والمغلوبين من الحياة
الى كل العقلاء...بل والى كل المجانين بحب الحياة
أهدى اليهم هذة القصة
*****************************
ذى كل مرة
*********
خرج ذلك الشاب من تلك البوابة الفخمة يجر أذيال الخيبة والفشل والتفت ينظر بغيظ شديد لتلك الشركة التى كانت قد نشرت أعلان عن أماكن شاغلة للعمل بها ...ولكنة مثل كل مرة يذهب للمقابلة ...يخرج بخف حنين..يعنى لا عمل يحصل علية ولا شىء غير...<هننظر فى أوراقك..ولما نحب نطلبك هنتصل بك>..وهكذا...عمل فى أعمال لا تمت بصلة لما يحلم بة ولا ترتقى لاى أحلام أنسانية...أصبح الان وبعد أن أضحى فى منتصف العقد الثالث من العمر...كالقبر الذى لا تجد بداخلة غير بقايا أنسان قد ذهب وأنطلقت روحة الى بارئها منذ أمد طويل...فلم يبقى من بطلنا هنا ويدعى رجائى أى رجاء فى الحياة ولا الدنيا
جلس رجائى عند أقرب مقهى قابلة فى طريق عودتة..حتى يستجمع بعض من نشاطة وحتى يلملم ما تبقى من كرامتة التى تهدر دائماً عند كل صدمة وبلاء ووكسة تحل بة..لقد أصبح مثال صادق ..مثال صارخ للانسان المصرى المحطم..أصبح لا يعرف لة هدف..بعدما كان فى الماضى البعيييد مملوء قوة ونشاط وحب للدنيا وللناس ..كانت أحلامة تعلو بة فوق كل ما هو واقعى وفوق كل ظروفة..أما الان فلقد عرف أن أحلامة ..لم تكن أحلام..بل كانت أوهام...أوهام من صنع خيالة المريض بالامل والرجاء
أى رجاء هذا الذى أتمسك بة؟؟..أى أمل هذا الذى أحلم بة؟؟..بل أى كابوس هذا الذى أحيا فية؟!
أفاق صاحبنا رجائى على صوت نادل المقهى وهو يقول لة: تشرب أية ياباشا؟
التفت رجائى لهذا النادل الذى كان فى مثل عمرة تقريباً قائلاً لة: أى حاجة..أى حاجة
رد النادل فى دهشة : مش عارف يعنى أية أى حاجة دى؟!!..أجبلك قرفة ؟
كتم رجائى غيظة قائلاً : قرفة!!!..يعنى ملقتش غير القرفة؟!!..هى ناقصة الحياة قرف...هات واحد قهوة ..وياريت سادة ذى حظى السادة
ضحك النادل وهو يبتعد صارخاً : واحد قهوة سادة على نار هادية..ذى حظ البية
وبعد أن شرب رجائى قهوتة ودفع الحساب ..أستقل أقرب باص عائداً لبيتة..
****************************** *****
الصراع
********
.دخل شقة الاسرة...التى كانت فى الماضى تجمع الاب والام وأخوتة ...ومع مرور الاعوام وتفرق الاخوة بين السفر والهجرة والزواج... وبعد أنتقال الاب للفردوس لم يتبقى فى المنزل غير رجائى هذا وأمة الست مريم..أم طيبة..مؤمنة بكل ما تأتى بة الايام ونوائب الدهر ..مواظبة على الصلاة وحضور أجتماع السيدات فى كنيسة المنطقة
بحث رجائى عن والدتة فلم يجدها..فعرف أنها أما فى أجتماع بالكنيسة أو هى تزور أحد المرضى أخوة الرب كما تقول عنهم دائمأ..فأبتسم فى غيظ..وجلس يتصفح جريدة قديمة ...حتى دخلت الست مريم من باب الشقة ونظرت لرجائى قائلة لة : أية ياحبيبى..عملت أية فى الشغل الجديد؟؟
رد دون أن يلتفت لها : ذى كل مرة..أصل أبنك باين علية نحس وعامل ذى البنت البايرة..أهو أنا قاعد كدة ذى البيت الوقف..لا شغلة ولا مشغلة
أبتسمت الام وهو تضع يدها على كتف أبنها وبكل حنان طاغى قالت لة: يابنى سلم أمرك للرب...وأرمى كل همومك علية..وخللى عندك ثقة فى يسوع..دة حنااان وحبة عجيب..
وذى ما وعدنا وقال.<.تعالوا الى ياجميع المتعبين والثقيلى الاحمال وأنا أريحكم>
قام رجائى من موضعة
وهو يصرخ قائلاً : أنا مش تعبان ولا حملى تقيل ..أنا موكوس..ووكستى هى اللى تقيلة..من صغرى وأنا بسمع الكلام دة..هنا ..وفى مدارس الاحد... وفى كل وعظة.. وفى كل مناسبة ومن غير مناسبة..
عملت أية فيا وفى حياتى كتر الكلام دة..فين ربنا؟؟..فين حبة؟؟.فين يسوع؟؟.نفسى فى يوم.... الكلام اللى بتقولية أشعر بى فى حياتى.....الايام اللى أحنا عيشنها دلوقتى ماتعرفش لا أيمان ولا أنجيل ولا حتى...
وضعت أمة كف يدها بسرعة على فم رجائى وهو تقول لة بعطف شديد : لا..لا يابنى..دى تجربة من عند المسيح..أوعى الشيطان يضحك عليك ياحبيبى..أوعى تنسى الهك وفاديك..دة هو اللى أشترانا بدمة الغالى علشان ميكونش مصيرنا جهنم..ونكون فى الاخر معاة فى السما مع القديسين
رد عليها رجائى فى غيظ : أنا عندى أستعداد أنى أستحمل ..بس لحد أمتى !!!؟..أنتى عارفة أنا بقى عندى كام سنة دلوقتى؟..ها..أنا... أنا بلعب فى الخمسة وتلاتين...عارفة يعنى أية عندى خمسة و تلاتين سنة ولسة متئندلتش..ولا أستقريت فى شغل ولا فتحت بيت ولا بنيت مستقبلى..ما خلاص..مابقاش فية من أصلة مستقبل..دة اللى فى سنى قرب يطلع معاش ......وتقوليلى حب ربنا وأهتمام المسيح بى والفدا وغيرة وغيرة...كل كلامك دة ملهوش تمن ولا يجيب حتى سندوتش فول....أنا مكنتش محتاج لصلب المسيح ولا لجلدة ولا لكل دة ..أنا كل اللى عايزة ..أشتغل وأشوف نفسى..نفسى أحس أنى بنى أدم ..مش عالة على حد... دة أنا لو جالى أبليس نفسة وفتحلى المستقبل حتى لو أخرتى جهنم..هوافق علطول..هو أنا طايل الدنيا اللى بتتسرب من بين صوابعى علشان أطول الاخرة
بكت الست مريم وهو تقول لة فى توسل: يابنى أطلب من يسوع ..هو وحدة ولا حد من البشر ..
دة بيقول <ملعون كل من أتكل على ذراع بشر>
تركها رجائى ودخل حجرتة ..وهو يصرخ : طب أطلبى أنتى من يسوع يشوفلى شغل ذى البنى أدمين بدل مانتى رايحة جاية عالكنيسة طول اليوم ..حتى يبصلك المسيح علشان خاطر اللى أنتى بتعملية مع أخوة الرب والزيارات والاجتماعات ....دة لو أنتى كنت شغالة عند ناس معندهاش قلب العمر دة كلة..كانوا زمنهم شلوكى على دماغهم ..دة حتى ولادك كلهم نسيونا أنا وأنتى..صلى يمكن تنفع صلاتك فى الحالة الزفت اللى عايشنها دى
القى رجائى بنفسة فوق سريرة ..
وحاول أن ينام أو تغمض لة جفن ..ولكن الهموم وتعب نفسة والاحباط الذى أستولى علية كانوا كالوحوش
الهائجة..لم تتركة أبداً لاحلامة..
وبعد فترة ليست بقصيرة نام من التعب وطول التفكير ....
*********************** [/size][/b]