البشارة للرعاة
فقال لهم
الملاك: لا تخافوا! فها أنا أبشركم بفرحٍ عظيم يكون لجميع الشعب. أنه
وُلد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب ( لو 2: 10 ، 11)
لقد وصل ابن الله إلى الأرض، وها السماء تُعلن لسكان
الأرض هذا الخبر العظيم؛ ميلاد المسيح. فمَنْ الذين وقع عليهم اختيار
السماء لإبلاغهم هذا النبأ العظيم؟ إنهم قوم من البسطاء، رعاة متبدين
يحرسون حراسات الليل على رعيتهم. وهؤلاء عادة يكونون أقل خبرة من الذين
يعتنون بالغنم أثناء النهار. لكن الله لا يأخذ بالوجوه، بل هو يعطي نعمة
للمتضعين ويحب المستقيمي القلوب. لهذا لم تتجه السماء بالبشرى إلى رؤساء
الكهنة الذين في أورشليم، ولا إلى أحد من علية القوم هناك، بل إلى قوم
مُزدرى، لا وزن لهم ولا تقدير عند العظماء. وهكذا، فإن الله يختار
جهّال العالم ليُخزي الحكماء، ويختار ضعفاء العالم ليخزي الأقوياء، ويختار
الله أدنياء العالم والمزدرى وغير الموجود ليُبطل الموجود ( 1كو 1: 27 ، 28).
لكن
ليس لمجرد كونهم فقراء وقع عليهم اختيار السماء لتصلهم البشرى في تلك
الليلة، بل إنهم يقينًأ ـ كانوا من مُتقي الرب الذين كانوا ينتظرون مولد
المسيح. ولهذا فمع أنهم كانوا مجهولين من الناس، لكنهم معروفون تمامًا عند
الله، ولأن سر الرب لخائفيه، فقد كان هؤلاء الرعاة الفقراء أول مَنْ سمع
بخبر ميلاد الفادي، في ذات ليلة ميلاده.
هل أنت مجهول من البشر؟ هل أنت في مكان قصي بعيد،
لا تراك عين إنسان، ولا ينشغل بك أحد؟ إذا كان لك قلب لأمور الله،
فإن السماء، بل الله إله السماء مشغول بك.
«وإذا ملاك الرب
وقف بهم، ومجد الرب أضاء حولهم، فخافوا خوفًا عظيمًا». إن أول شعور
يصيب النفس عندما تشاهد مجد الرب، هو الخوف العظيم. لكن ملاك الرب ألقى
عليهم رسالة السلام «لا تخافوا». وهذه هي المرة الرابعة على
التوالي التي ينطق بها رسول السماء بهذه الكلمة المُطمئنة «لا
تخافوا». لقد قالها الملاك أولاً لزكريا أبي يوحنا المعمدان:
«لا تخف يا زكريا..» ثم بعد شهور قليلة قالها للعذراء
المطوّبة مريم: «لا تخافي يا مريم..»، وقالها ثالثة بعد
شهور معدودة أيضًا ليوسف خطيب مريم «يا يوسف ابن داود لا تخف
أن تأخذ مريم امرأتك». وها الآن، عند ميلاد المسيح يقول الملاك
للمرة الرابعة للرعاة: «لا تخافوا ... وُلد لكم... مخلصٌ هو
المسيح الرب» يا للبشرى! أخيرًا ولد لنا الفادي المخلص
_________________
حبيب القلب الطيب