الميلاد في بيت لحم
فصعد يوسف ...
إلى مدينة داود التي تُدعى بيت لحم .. ليُكتتب مع مريم امرأته المخطوبة
وهي حُبلى. وبينما هما هناك تمت أيامها لتَلِد ( لو 2: 4 )
لقد كان من المناسب أن يولد المسيح في
هذه القرية المتواضعة؛ بيت لحم، ليس فقط لأنها القرية التي وُلد فيها داود
قبل ذلك بنحو ألف عام، بل لمعنى اسمها. فبيت لحم اسم عبري يعني "بيت
الخبز". في هذه القرية وُلد "خبز الحياة".
«وبينما هما هناك تمت أيامها لتلد. فولدت ابنها البكر وقمطته وأضجعته في المذود، إذ لم يكن لهما موضع في المنزل».
عندما
بنى سليمان هيكله الشهير في أورشليم، ذلك البيت الذي غشاه بالذهب، فقد شعر
بضآلة ذلك البيت إزاء مجد الله، فقال لله يوم تدشين الهيكل: «هوذا
السماوات وسماء السماوات لا تسعك، فكم بالأقل هذا البيت الذي بنيت»
( 1مل 8: 27 ). تُرى ماذا كان بوسع سليمان أن يقول، لو علم أن رب الهيكل مُزمع أن يأتي طفلاً مقمطًا مُضجعًا في مذود!
إن
ربنا وفادينا المعبود لم تكن حياته كباقي الناس ممتدة من المهد إلى اللحد،
بل من المذود إلى صليب العار والقبر المُستعار. فبدأ حياته مُحاطًا
بالبهائم وأنهاها مُحاطًا بالمجرمين واللصوص!!
وعبارة «لم
يكن لهما موضعٌ في المنزل» تشير إلى الفندق الذي نزل فيه يوسف
وخطيبته مريم. لقد أمكن تدبير أماكن للأغنياء في الفندق، أما الفقراء فإنه
نظرًا لظروف الازدحام الطارئ بسبب الاكتتاب، لم يجدوا مكانًا. وسيدنا له
المجد كان واحدًا من هؤلاء الفقراء. كلا، إنه لم يكن منهم، بل هو الذي
قَبِل أن يصير هكذا «فإنكم تعرفون نعمة ربنا يسوع المسيح، أنه من
أجلكم افتقر وهو غني، لكي تستغنوا أنتم بفقره» ( 2كو 8: 9 ).
إذًا
فعبارة «لم يكن لهما موضعٌ في المنزل (أي الفندق)» تعلمنا أن
فادينا أتى إلى هذه الخليقة التي كوّنتها يداه، لكنه أتى إليها كضيفٍ
غريبٍ، بل وغير مُرحَب به أيضًا.
وإذا كان العالم ـ عزيزي القارئ
ـ مع اتساعه لم يُعطِ خالقه مكانًا، فهل تعطي أنت لخالقك وفاديك مكانًا في
قلبك؟ أم أنك ما زلت تُبقيه واقفًا خارج قلبك ينتظر الدخول، يقرع
بقرعات الحب دون أن تفتح له؟ هل قلبك مشغول بسواه، وعندك وقت لكل شيء إلا
المسيح؟
عزيزي .. لقد تنازل ابن الله وقَبِل أن لا يكون له مكان على الأرض، ليكون لك أنت مكان في السماء!
_________________
حبيب القلب الطيب