قاوموا إبليس
ولكنه يعطي نعمة أعظم. لذلك يقول: يقاوم الله المستكبرين، وأما المتواضعون فيعطيهم نعمة. فاخضعوا لله. قاوموا إبليس فيهرب منكم ( يع 4: 6 ، 7)
الأصحاح الرابع من رسالة يعقوب بدأ بشهوات الجسد (الطبيعة الساقطة)، ثم انتقل ليحذرنا من محبة العالم (أو التحالف معه). ثم في الآية7 يذكر «إبليس» ويعرِّفنا أنه يهرب إذا قاومناه. ولكن، كم ينبغي أن نشكر الله على الآية التي تسبق ذكر إبليس، والتي تحوي التأكيد «ولكنه (الله) يعطي نعمةً أعظم». فالجسد والعالم وإبليس قد يمارسوا ضغوطًا عظيمة ضدنا. ولكن الله يعطينا نعمة أعظم. وإذا ازدادت القوة ضدنا، عندئذٍ تتعاظم النعمة أكثر. والمهم أن تكون في الحالة التي تستطيع أن تستقبل نعمة الله.
ما هي هذه الحالة؟ إنها حالة التواضع التي تقود إلى الخضوع لله، وبالتالي إلى الاقتراب منه. وهذا واضح تمامًا في الآيات6ـ 8 «يقاوم الله المستكبرين، وأما المتواضعون فيعطيهم نعمة». وقد عرف الحكيم في قديم الزمان هذه الحقيقة «قبل الكسر الكبرياء، وقبل السقوط تشامخ الروح» ( أم 16: 18 )، مع أن كاتب الأمثال لا يبين لنا السبب، ولكن هنا نجد التفسير. فالمتكبر لا يجد نعمة عند الله بل مقاومة. ولذلك، لا عَجب أن ينكسر ويسقط. وليس هناك سقوط مشهود أعظم من سقوط المؤمن المتكبر، حيث يتعامل الله بلا تأجيل مع أبنائه بالتأديب. أما العالميون فغالبًا ما يتركهم بلا حساب، إلى أن يحدث السقوط النهائي، إذ يصلوا إلى الأبدية.
وإذا اتصفنا بالتواضع، لن يكون من الصعب أن نخضع لله، وعندما نخضع لله نستطيع أن نقاوم إبليس (الآية7). ولكن كثيرًا جدًا ما تسير الأمور معنا بشكل مخالف. فنبدأ بالخضوع لإبليس، وهذا يؤدي إلى أن تتكون فينا الكبرياء التي هي طبيعته، وبالتالي نقاوم الله، ونتيجةً لهذا يقاومنا الله، مما يجعل السقوط مُحتمًا، مع ما يتبعه من مَذَلة. أما إذا تواضعنا، فلن تُصيبنا المذلة.
فالترتيب واضح إذًا، أولاً: التواضع، ثم الخضوع لله الذي يضم في ثناياه مقاومة إبليس. ثالثًا: الاقتراب إلى الله. ولا أحد، بالطبع، يستطيع أن يقترب إلى الله إلا بالخضوع بسرور له. وعندما نقترب إلى الله، يقترب إلينا (الآية
. هذا هو أسلوب حكومته معنا. إذا زرعنا بذرة طلب وجهه بإصرار، سنحصد النور والبركة من شعورنا باقترابه منا، وكلما اقتربنا إليه، كلما ازداد تمتعنا بقربه وكل ما يتضمنه من بركات.
--------------------------------------------------------------------------------