[size=24]** 1-1 لماذا هناك يوم قيامة .؟
يوم القيامة هو اليوم الذى سيهدم الله فيه المعبد رأساً على عقب وينهى فصول المسرحية التى أراد لنا أن نحياها ونؤديها ...المسرحية التى نمارس فيها أدوارنا كما رسمها ولم نحيد فيه عن السيناريو الذى تم إعداده لنا سلفاً .
لماذا هناك يوم لأنهاء الوجود .؟!
ما المانع أن يستمر الوجود والحياة فى ديمومة .؟!
ما الذى يجعل الله ينهى هذه اللعبة .؟!
إذا كان المطلوب هو حساب البشر ...فما المانع من حسابهم فور موتهم .؟!!
إذا كان الله أزلى ..وحياة الأنسان على الأرض منتهية ومحددة ..فهل نعتبر وجودنا هى نزوة إلهية .؟!
سنعجز كثيرا فى إيجاد حكمة من وراء هذا ....لأنه ببساطة لا توجد حكمة .
الحكمة الحقيقية هى فى ذهن مبتدع الأسطورة ...الذى إبتكر هذه القصة تحت إلحاح رغبته الجامحة اللاواعية فى تحطيم الطبيعة التى تخاصم معها نتيجة عجزه فى مواجهتها أو ترويضها فى صالحه ...أراد أن يهدم هذا المعبد الكبير مع نهايته ..وقد يكون عز عليه أن يكون هناك وجود بدون وجوده .!!
** 1-2 لماذا يتم الحساب والدينونة فى يوم القيامة .؟
تندهش عندما تعلم أن كل البشر منذ البدء وحتى يوم القيامة سيتم حسابهم دفعة واحدة ..!!
لماذا لا يكون الحساب أولاً بأول ...بمعنى أن الأنسان المتوفى فى أى زمان ومكان تتم محاكمته العسكرية فور موته وقبل أن تبرد جثته ..
أليس هذا منطقيا ...ما الذى يجعله ينتظر فى صالة الأنتظار هذه المدة الطويلة حتى يأتى يوم القيامة .
وأليس غريباً أن يؤجل الله عمل اليوم إلى الغد مثل التلاميذ والموظفين ..فلماذا لا يخلص شغله أولاً بأول ولا يجعل العمل يتكدس عليه فى يوم واحد .
مبدع الأسطورة كان فى صراع داخلى ...
فهو يرى أن المنطقى أن تتم محاكمة الأنسان فور موته ولكن شريطة أن يكون جسده مصاحباً معه فى الرحلة إلى العالم الأخر.
نعم هو الجسد الأهم فى هذه الرحلة وفى كل هذه القصة ..لأنه ببساطة شديدة هو الشئ الوحيد الذى يعرفه الأنسان عن وجوده ...هو القميص الذى يرتديه الأنسان ولا يعرف غيره ...هو أداته الوحيدة التى يستمتع أو يألم بها...أى لا يوجد شئ أخر غير الجسد كهوية ومتعة وألم .
إذن لن تستقيم أى فكرة أو أسطورة يدون أن يكون الجسد حاضراً وفاعلاً فى المشهد وكل المشاهد ...ومن السهولة بمكان أن نتلمس من خلال الأساطير الدينية متع واضحة الملامح للذة تتمثل فى الطعام والشراب والجنس . .
هنا وقع مبدع الاسطورة فى مأزق صعب ...كيف يدعى محاسبة الأنسان فور وفاته وجثته قائمة أمام عيوننا ..
كيف لى أن أدعى أن هذا الميت إنتقل إلى الجحيم أو الجنه ...والجسد مازال موجودا .
ها قد وجدتها ...فلنؤجل عملية الحساب ليوم القيامة حيث تنتقل الأجساد إلى السماء لتستمتع أو تتعذب .
نجد حرص المصريون القدماء على حفظ أجسادهم بعد الموت لهذا اليوم الموعود...لتنتقل الاسطورة مع بعض التعديلات إلى الأديان الأبراهيمية .
الغريب أن المؤمنين على إستعداد قبول أن أجسادهم مهما تبعثرت فى الطبيعة سيتم تجميعها فى يوم القيامة!!
الأنسان تحت إلحاح الخلود وحب البقاء عنده إستعداد أن يقبل هذا الأمر ويستسيغه ويبلعه بكل سهولة ومتعة .
** 1-3 لماذا حلول الله دائما عنيفة .؟
لماذا يكون يوم القيامة هو نهاية عنيفة ومأساوية للوجود ؟!!
ما الحكمة فى أن يدمر الله كل صنعة يديه ؟!!
إذا كان الله يبغى من يوم القيامة إنهاء الحياة والوجود الأنسانى ...فلماذا كل هذه الثورة والهياج ليحطم مقتنايته وممتلكاته ؟!!
رأينا سابقا قصة الطوفان الرهيب الذى دمر الأنسان والحيوان والنبات حسب الأسطورة الدينية ...وإندهشنا من هذه الطريقة العشوائية فى التدمير ..ونستطيع التبرير بأن الله لا يمتلك أسلحة بيولوجية أو كيميائية أو صواريخ ذكية لعملية تدمير الأنسان الشرير .
وهاهو يوم القيامة...عملية هياج وثورة لا يوجد مايبررها من حيث التدمير فى تحطيم المسرح والكواليس والميدان القابع فيه المسرح وكل الميادين المجاورة .!!!
يبدو أن مبدع الاسطورة كان لخياله مايبرره ...
أما أن يكون عز عليه أن يكون هناك وجود بدون وجوده وهو ما أشرنا إليه سابقا ..وإما أنه أتخذ فكرة الدمار الشامل كوسيلة للترهيب والتخويف من أهوال يوم القيامة فيضمن إنسحاق وإنبطاح للمؤمنين ..وخصوصا أن فكرة يوم القيامة كانت حاضرة فى ذهن الأنسان القديم وإعتقاده أنها ستتم فى عصره وهو ما سنوضحه لاحقا .
** 1-4 كيف يكون الله بعد يوم القيامة .؟
هل يكون الله وحيداً يعد يوم القيامة .؟!!!
الفيلم إنتهى وأنصرف الجمهور وتم تدمير السينما بعد العرض ...ماذا يفعل الله .؟
فى يوم القيامة تم طوى صفحة الوجود وتم حساب البشر ...كما تم تسكين الفراخ فى عششها حيث ذهبت مجموعة إلى النعيم والفرفشة وذهبت أخرى إلى الجحيم وعذابه .
لقد أنتهى كل شئ ...لم يعد هناك خلق ...لم يعد علم ومعرفة ...لم يعد هناك رصد وتدوين ...لم يعد لعب وعبث بالطبيعة ...لم يعد الله مستمتعا بصلواتنا وحركاتنا البلهاء ...لم يعد هناك شئ ...إنه الفراغ والوحدة
الأنكى من هذا ...أن صفات وسمات الله اللانهائية قد توقفت وأصابها العطب ...
فلا نستطيع أن نصفه بالخالق وقد توقف الخلق ...ولا نستطيع أن نصفه بالرحيم الغفور وقد حسم الأمر ..لا نستطيع ان نصفه بالعليم ولم يعد هناك أحداث ليعلمها مسبقا ..لأن كل الأشياء قد تحققت وقضى الأمر...لم يعد يملك أى شئ من قدراته السابقة .
لقد أصبح الله وحيداً ساكناً بعد يوم القيامة.
مبدع الأسطورة لم يشفق بحال إلهه ...ولم يعيره أى أهتمام ...لأنه ببساطة إبتكر الأسطورة لنفسه .
تحت رغبته الملحة فى البقاء والخلود نسج أسطورته ...يكون الله مجرد وسيلة لتحقيق أمانيه وأحلامه وأوهامه ليس أكثر من هذا .
** 1-5 إساءة تقدير وحسابات أم ماذا ؟!! .
عندما نفتش فى التراث الدينى سنصل إلى توقفات مدهشة ...فمن ضمن هذه الوقفات والتى تعنينا فى بحثنا عن أسطورة يوم القيامة ..أن هناك إعتقاد بأن يوم القيامة سيكون قريبا معاصرا لأهل الأسطورة ..!!!
دعونا نقرأ بعض النصوص الدينية فى المسيحية والأسلام ....
فى المسيحية
متى سيحدث كل هذا؟
" الحق اقول لكم لا يمضي هذا الجيل حتى يكون هذا كله " !!!!!
وفى الاصحاح 16 من نفس الانجيل . انجيل متى يقول يسوع لتلاميذه ان بعض منهم لن يذوق الموت حتى يرى بعينيه هذه الامور , يروا مجئ يسوع مع ملائكته فى اللحظات الاخيرة التى تسبق نهاية العالم :
27 فان ابن الانسان سوف ياتي في مجد ابيه مع ملائكته و حينئذ يجازي كل واحد حسب عمله
28 الحق اقول لكم ان من القيام ههنا قوما لا يذوقون الموت حتى يروا ابن الانسان اتيا في ملكوته
هكذا قال يسوع المسيح ولم يعد هناك أى مجال للألتباس والأستنتاج .
وماذا عن الأسلام .
ينذر محمد الكافرين فى زمنه عذابا قريبا
" إنا أنذرناكم عذابا قريبا يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا " النبأ4
فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم " محمد 18
وهناك عشرات الأحاديث التى تعطيك دلالات قوية على قرب يوم القيامة فى زمن النبى .
صحيح البخارى – الادب – ما جاء فى قول الرجل ويلك
حدثنا عمرو بن عاصم حدثنا همام عن قتادة عن أنس
أن رجلا من أهل البادية أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله متى الساعة قائمة قال ويلك وما أعددت لها قال ما أعددت لها إلا أني أحب الله ورسوله قال إنك مع من أحببت فقلنا ونحن كذلك قال نعم ففرحنا يومئذ فرحا شديدا فمر غلام للمغيرة وكان من أقراني فقال إن أخر هذا فلن يدركه الهرم حتى تقوم الساعة .
أذن ماذا نسمى هذه التصريحات على لسان المسيح ومحمد ..
هل نقول أنهم أخطأوا التقدير والحساب ...أم ماذا ؟ .
تفسيرى لأدعاء الأنبياء بقرب يوم القيامة هى عملية ترهيب بكل معنى الكلمة...ان يتم خلق جو من الرعب والفزع فى جموع البشر بغية إنسحاقهم وإنبطاحهم تحت نعال المشروع الدينى الأجتماعى .
لا يخلو الأمر من إستحضار روح ثقافة باسكال ...بمعنى ...اننا لن نخسر شيئا إذا صدقنا هذا النبي وتجاوبنا مع إطروحاته فلعل كلامه يكون صحيحاً ونواجه أهوال يوم القيامة حينئذ نكون جاهزين لمواجهة ويلات هذا اليوم ..ولكن سنخسر كثيرا إذا ضربنا بكلامه عرض الحائط وكان هناك مثل هذا اليوم .
أنا أتلمس كل العذر لأجدادنا الذين إنسحقوا وراء هذه الخرافة ..فمازال أحفادهم ينسحقوا وراء هذا الكلام القديم ويجددوا روح باسكال على الدوام .
الفكر الدينى هى إحتياجات نفسية تم إستثمارها من قبل أنبياء وجدوا نفسيات تحت وطأة خوفها وجهلها على إستعداد للتماهى فى هكذا قصص
سامى لبيب- تأملات حول القيامة.منقول من موقع الحوار دوت كوم[/size]