+ إله المزّود ... ما أعظمه إلهاً، فقد ترك عرش مجده العظيم ليدخل في عمق حياة البشرية الفقيرة المتألمة المتعطشة إلى الحب، لقد اختار أن يولد في مزودٍ حقيرٍ ليرفع شأن الإنسان الوضيع، المتألم من قساوة ظلم البشرية.
+ إله المزود ... تجسد وعاش بيننا، ليبرهن لنا أن السماء ستظل منسكبة على الأرض في علاقة حميمة تكللها محبة الثالوث الأقدس، الذي يتميز بعلاقة الحب المتبادلة داخله. لقد تجسد المسيح ليعطي الإنسان جواباً عن الهدف الأسمى للحياة وللوجود؛ ألا وهو أن يجعل الإنسان مركز أفكاره وحواسه بل وكل كيانه متعلقاً بسر التجسد الإلهي، ويكون محور اهتمام الإنسان أن يجعل قلبه مزوداً لإله المزود كي يسكن فيه بروح عظمة مجده وغناه.
+ إله المزود ... أتى فقيراً مع أنه الغني الذي يملك كل شيء ... أتى فقيراً يعاني من البرد والعطش والجوع والفقر، مع أنه سيد الطبيعة والحياة والوجود ... أتى فقيراً متجرداً من كل كرامة بشرية، مع أنه المستحق كل الكرامة والسلطان والمجد.
+ إله المزود ... تجسد بيننا لكي يمنح البشرية حياة فائقة للطبيعة، معلناً للجميع إننا مدعوين لنكون شركاء للطبيعة الإلهية ... كيف؟؟ كيف يكون هذا يا الله، والإنسان لم يجعل لك مكاناً تُولد فيه؟ كيف يكون ذلك والإنسان فضّّل أن يكون منفصلاً عن سر محبتك وخلاصك؟ لكنك مازلت تحب الإنسان.
+ إله المزود ... تجسدت يا الله حباً بنا، تجسدت لتعلن لكل البشرية أنك رب الحب والسلام والفرح. نعم، الإنسان اليوم في حاجة ماسة إلى تجسد الحب في عمق أعماقه، لأن البُغض والرياء والحسد قد تسولوا بغزارة في عروق البشرية، ولا يقدر شيء أن ينزع تلك السموم الضارة إلا مزود الحب الإلهي الذي هو أيقونة حية لله، إله الفقير، إله المهان والمعوز والضعيف.
+ إله المزود ... أتت الملائكة تعلن البشارة والسلام للعالم، فميلادك حقاً هو ينبوع السلام الحقيقي، بل وينبوع الخلاص والتحرير من كل قيود يقيدنا بها المعاند الشرير. سلامك ياطفل المغارة هو سلام قادرٌ على شفاء القلوب المتحجرة والقاسية، ولكن ماذا فعلنا نحن تجاه سلامك هذا؟ هل نحيا شاخصين نحوه، واثقين به وسط ظلمات هذا الدهر؟ هل حقاً قلبنا وفكرنا متعلق بطفل المزود، رئيس السلام وملك الدهور؟ أم أصبحت لنا عيون ولا نرى بها، وآذان ولا نسمع بها. بالحقيقة، أقولها بإيمانٍ قوي؛ مسيحيو اليوم بدلاً من أن يجسدوا الحب والسلام في قلوبهم، أصبحوا سبب عثرة، وتجديف على اسم الله القدوس، من أجل سوء أعمالهم وتشبههم بسيرة العالم ومبادئه.
طفل المزود يقول لنا اليوم، سيروا ضد التيار، وكفى ابتعاداً عن جوهر وجودكم، اقتربوا إليَّ، اقتربوا إلى الحب، والتوبة، والخدمة المجانية، عيشوا متحدين بسر التواضع والسخاء والبذل من أجلي ومن أجل كل إنسان.
كونوا مزوداً مقدساً يحمل اسمي كل حين، وينشر نور حبي وسلامي ويبعث سر تجسدي إلى القلوب المسيحية المنهدمة.
من وحي الميلاد ...،
لشماس الإكليريكي/ مايكل وليم