[size=18]ــ بابا عايز منك ألف جنيه علشان نروح رحلة بمناسبة انتهائنا من امتحانات البكالوريوس.
ــ بتقول إيه يا يونان يا بني ؟ ألف جنيه ؟!! دا أنا زمان رحت رحلة البكالوريوس بـ2 جنيه و زرنا الأهرامات وأبو الهول والقناطر الخيرية.
ــ ها ها !! أنا مش رايح مصر يا بابا ، أنا رايح بعيد
ــ بعيد فين يا بني ؟ الغردقة ، شرم الشيخ ، أسوان ؟
ــ لا لا أنا اتفقت مع أصحابي ، مش حنروح مع الكلية ، حنحجز على الباخرة أسبوع نزور مواني البحر المتوسط في لبنان وإيطاليا وفرنسا وأسبانيا ، كفاية تعب وقرف المذاكرة ، أنا زهقت من كل حاجة في الدنيا وعايز أعيش حياتي.
ــ طيب يا بني تعال معايا بكره القداس ، نصلي وربنا يرشدنا.
و بعد مرور شهر كان يونان وشلته على ظهر الباخرة يغنون ويرقصون ويشربون ويترنحون من فرط الشرب وهم سعداء للغاية و....
و في لحظة حدث ما لم يكن في الحسبان ، فلم يكن مجدي صديقه في وعيه حين دفع يونان في هزار سخيف ، فهوى من سطح السفينة إلي البحر و ....
وجد نفسه في البحر وحيدا وسط الأمواج المتلاطمة و كاد أن يغرق ، فصرخ بكلمة واحدة : يارب ....
و فجأة وجد حوتا كبيرا جدا ، برز فجأة من المياه ، و هو يفتح فمه و يقترب من يونان و صرخ وصرخ و صرخ ولكن ما من فائدة ، فالحوت ابتلعه ، و وجد يونان نفسه داخل جوف الحوت.
إن مشاعر الرعب والخوف والرهبة التي شعر بها يونان لا يستطيع القلم أن يعبر عنها ، فهل تخيلت نفسك ذات مرة داخل جوف الحوت ؟
و لكن حينما يجد الإنسان نفسه وحيدا بائسا خائفا ، ولا يجد من يلجأ إليه ، فهو يلجأ إلي الله ، عندما تضيق به السبل وحينما يشعر إنه بلا معين ، فهذا ما حدث ليونان ، فلم يجد سوى الله ليصلي إليه في هذه المصيبة.
آه يارب ، آه يا إلهي ، أعلم يا إلهي إنك تسمعني رغم أني داخل جوف الحوت ، أعلم إنك تسمعني حتى لو كنت في أعماق الجحيم ، يارب ، إن الموت يحيط بي من كل جانب ، أشعر بنهايتي هذه المرة يارب ، لقد أنذرتني و حذرتني أكثر من مرة ، لقد حاولت يارب أن ترجعني لحضنك بيدك الحانية مرة بكلمة من خادم أو بعظة من كاهن أو..... ثم عندما عاندتك وعاندت ذاتي استعملت معي يدك القوية ، فأصبت بمرض شديد و مع ذلك لم أرجع إليك وأدرك إنها تجربة منك ، ماتت أمي وحزنت لموتها ورغم ذلك ازددت عنادا و مكابرة ورغبة في الخطية ، وأخيرا وجدت نفسي في بطن الحوت ، يارب ، أعدك هذه المرة بأن أتوب ، فأنا ، بعد ما رأيت الموت بعيني داخل جوف الحوت ، لن أفكر بعد ذلك في الخطية ، كل ما أريده منك يارب أن تبقي لي حياتي لعلي أستطيع أن أتوب عن ذنوبي وآثامي ، يارب ، لا تدعني أموت هكذا خاطئ ضال بعيد عنك ، أعطني فرصة أخيرة ، يارب ، استجب لي يا إلهي.
ما هذا ؟ إن الحوت الكبير يسبح بسرعة جنونية ويتخبط في الصخور بطريقة هيسترية وأنا بالداخل تغمرني المياه وأكاد أختنق وفجأة إذا بزلزال عنيف يرفعني لأعلى ثم يهوي بي لأسفل ثم تسكن كل حركات الحوت و إذا بي أري بصيص نور من فم الحوت حيث يحاول جيش من رجال الإنقاذ فتحه و اجتذابي من داخله ، و وضعي في عربة الإسعاف و بعد ساعتين أفقت تماما وأنا بصحة جيدة ماعدا بعض الجروح التي تركها لي إلهي حتى تذكرني بعهدي الذي لا يمكن أن أنساه ما حييت.
كم دعاني الرب يوما فأشحت الوجه عنـه
و أرانــي قـــلبـــه الحـــانــــي أنا الهـــارب منـــــه
قال كن صدرا لقلبي غير أني لم أكنــــــه
كان قلبـــي فـــي صــدودي مثل صخر كان أقـسـى
كيف أنسى فترة الطيـــش وآثـام الصــــبا
كيــف أنـسى الــرب مصلوبــا وقلــــبي صـــالبــــا