[size=24].إن العادة السرية من الموضوعات التي أثارت كثير من الجدل العلمي، والديني. والكتاب المقدس لا يذكر شيئاً عن العادة السرية، رغم أنها ولا شك قديمة قدم الإنسان. إنها وإن كانت لا تضر أحداً، رغم أن هذا لا يعتبر مقياساً للصواب والخطأ.
ويتطرق كثيرون من الشباب إلى هذا التساؤل، هل العادة السرية حرام أم حلال؟ ونؤكد هنا إن الحلال والحرام مرتبطان بمواقف معينة تختلف من شخص لشخص. فالحرام هو الشيء الذي يجعلك تفقد سيطرتك على ذاتك، في حين أن الشيء نفسه قد لا يكون له تأثير في الآخر. بل إن الأمر يتعدى الاختلافات بين الأشخاص فأنت اليوم في حالة نفسية لا تسمح لك بمشاهدة هذا المنظر، في حين أنك بالأمس كنت تراه من دون أن تتأثر، وما كان بالأمس حلالاٍ أصبح اليوم حراماً، وهكذا. لك ضمير تستطيع به الحكم على هذه المواقف.
وقد تنشأ بعض أضرار العادة السرية نتيجة الشعور باللذة التي يكتسبها المراهق من العملية نفسها، لاسيما حين يركن إليها لتخلصه مما يشعر به من توتر جنسي ونفسي. ونتيجة سماعه الكبار يعلنون أضراره، ومخالفته للخلق وللدين، وغير ذلك. فيحدث عند المراهق صراع بين الرغبة في الممارسة، وتأنيب الضمير، فيتكون عنده شعور بالخطية وإحساس بحقارة نفسه، وقذارتها، وعدم لياقتها باحترامه، أو احترام غيره.
وتتكون إلى جانب هذا الشعور رغبة ملحة في الممارسة، مما يمزق نفسه ويشتت قواه في اتجاهات مختلفة لكل منها قوته البالغة. فلاتجاه الغريزة الجنسية قوة كبيرة، ولاتجاه التقاليد والخلاق وما إلى قوته البالغة.
إن الحلال والحرام مرتبطان بمواقف معينة تختلف من شخص لشخص. فالحرام هو الشيء الذي يجعلك تفقد سيطرتك على ذاتك، في حين أن الشيء نفسه قد لا يكون له تأثير في الأخر. بل إن الأمر يتعدى الاختلافات بين الأشخاص فأنت اليوم في حالة نفسية لا تسمح لك بمشاهدة هذا المنظر، في حين أنك بالأمس كنت تراه من دون أن تتأثر، وما كان بالأمس حلالاٍ أصبح اليوم حراماً، وهكذا. لك ضمير تستطيع به الحكم على هذه المواقف.
ومن بعض تأثيرات العادة السرية على الحياة الروحية هي:
1. يصحب العادة السرية عادة أفكار وتخيلات جنسية ينهى عنها الكتاب المقدس، فالمسيح حين يقول «كل من نظر إلى امرأة لكي يشتهيها فقد زنى في قلبه » (متى28:5).ولم يقصد نظرة الإنسان إلى امرأة فقط، ولا يريد منك تفقعا عينيك أو أن تذهب إلى مغارة في الجبل. المسيح يتحدث عن النظرة الشهوانية الانطوائية الأنانية، وهنا موطن الخطأ.
2. عادة يصحب هذه الممارسة شعور بالذنب، هذا الإحساس يعوق نمو الإنسان الروحي وخاصة الشباب الصغير.
3. تتعارض مع (1كورنثوس 9:7) " لأن الزواج أصلح من التحرق" فممارسة الشباب للعادة السرية قد تدفعه إلى استبدال حاجته إلى الآخر بهذه الممارسة.
4. لا يجب على أي زوج أن يمارس العادة السرية لأنه عندما يفعل ذلك فهو يسرق زوجته وستشعر هي بأنها غير محبوبة وغير مطمئنة وكثير من المشاكل الفرعية غير الضرورية سوف تنشا بسبب هذه الممارسة وخاصة مع تقدم الزوجين في السن.وبدلاً من أن يعبر عن حبه من خلال علاقتهما الجنسية كما خلقهما الله، فهو يعبر عن حبه لذاته من خلال العادة السرية.
« إن السلطة التعليمية في الكنيسة، كالحسّ الأخلاقي عند المؤمنين، قد أكدت دون تردد، في سياق تقليد ثابت، إن الاستمناء هو عمل مخالف بحد ذاته مخالفة جسيمة للنظام الأخلاقي ». « إن الاستعمال المتعمد للطاقة الجنسية خارج نطاق العلائق الزوجية العادية يتعارض وغايتها، مهما كان السبب ». فالمتعة الجنسية تُقصد فيه خارج نطاق العلاقة الجنسية " التي يقتضيها النظام الأخلاقي، والتي تُحقق، في إطار حب صحيح، المعنى الكامل للعطاء المتبادل والإنجاب البشري" .
ولتكوين حكم منصف في مسؤولية الأشخاص الخلاقية، ولتوجيه العمل الرعائي، يجب الأخذُ في الاعتبار عدم بلوغ النضج العاطفي، وقوة العادات التي تعوّدها الإنسان، وحالة الضيق، أو العوامل النفسية والاجتماعية الأخرى، التي تُنقص بل تنهك المسؤولية الأخلاقية.
التصرف مع العادة السرية
إن قضية العادة السرية لها أبعاد كثيرة وليست مقتصرة على البعد الديني، إذ لها بعد إنساني واجتماعي، وآخر طبي بيولوجي. وعليه، حين يصارحني أحد الشباب بأنه يمارس العادة السرية، لا أصدمه بأنه مجرم لكن أنصحه بأن يعالج نفسه، تماماً كما يعالج عسر الهضم أو الصداع. فما دام الشاب يحاول التخلص من هذه العادة لا أعتبر الموضوع خطيراً جداً، حتى وإن سقط مراراً وتكراراً. مادام يحاول مراراً بكل جهده أن يتخلص منها فلا خوف عليه. بل إنها في الكثير من الأحيان تكون في نظره وسيلة للتقرب إلى الله والإحساس برحمته وبالضعف البشري.
دور المربي
1- نظرة إلى "العادة السرية" تعطي هذه الممارسة حقها. فلا نعتبرها أمراً "طبيعياً" لا تجدر المبالاة به: فهي "طبيعية" من حيث نسبة انتشارها بين المراهقين، ولكنها ليست "طبيعية" من حيث هي انحراف عن المشروع اللقائي الذي يحمله الجنس في أصالته الإنسانية. من جهة أخري، ينبغي أن لا نعتبرها شراً بحتاً، لا بل قمة الشرور كما يراها المراهق أحياناً يثبته في ذلك موقف المربين. فإنها ليست بالحقيقة سوى ممارسة بدائية متعثرة لطاقة الحب المتيقظة لدي المراهق والتي لم تكتشف طريقها بعد، إنما تتلمس هذه الطريق عبر استحضارها للآخر بالخيال علي الأقل. هذا ما ينبغي أن ننقله بوضوح للمراهق، فنقول له ما معناه: إنك بصدد اكتشاف نداء الحب المتصاعد من أعماقك، ولكن هذا النداء لا يزال فيك غامضاً بعد ولا تزال استجابتك له تفتش عن طريقها ولم تكتشف بعد السبيل الصحيح. ولكنك، مع ذلك، بدأت تشعر أن هذا السبيل إنما يمر بالآخر. بقي عليك أن تكتشف بشكل متزايد أهمية هذا الآخر لا وراء عطش قلبك وحسدك.
2- من هنا ضرورة تركيز اهتمامنا علي تنمية الشعور بأهمية الآخر لا علي مكافحة العادة السرية بحد ذاتها. فالتركيز علي مكافحة العادة السرية قد يعطي المراهق انطباعاً بأن الجنس آثم بحد ذاته، لأنه يتناول تلك الممارسة الجنسية من زاوية سلبية بحتة، غير آبه بالمشروع اللقائي الذي يتراءى فيها ولو بشكل جنيني.
إن تنمية الشعور بأهمية الآخر تقوم:
• على مساعدة المراهق في تجاوز العوائق التي تحول بينه وبين الآخرين. وذلك عن طريق مساعدة على تخطي الخجل وعدم الثقة بالنفس، وإشعاره بأنه مفهوم منا ومعترف بأهميته.
• على مساعدته في التنبه إلى اهتمامات الذين يعيشون حوله وهواجسهم ومشاكلهم ومعاناتهم، مما يساهم في دفعه إلى تخطي أنويته نحو اتصال فعلي بالآخرين.
• على تشجيع الاتصال بينه وبين أفراد من الجنس الآخر في جوّ من التفاهم والتعاطف والمودة والتعاون والتبادل والاحترام.
• على تشجيع العلاقة الشخصية الحميمة بين المراهق وربه في تدين يتجاوز مجرد الفرائض والشعائر إلى خبرة شخصية حية ومحيية،بحيث يتاح له أن ينهل من ينبوع المحبة فتنمو طاقة الحب فيه وتعلو ويزداد توجهاً إلى الآخر.
[/size]