[b][size=24][center]قوة الله التي تشبع النفس - الرسالة الثالثة للقديس أموناس
قوة الله التي تشبع النفس
ومحاربة روح المجد الباطل
الرسالة الثالثة للقديس أموناس تلميذ الأنبا أنطونيوس الكبير
أكتب إليكم لأنكم تحبون الرب وتبحثون عنه بكل قلوبكم . لأن الله يسمع لمثل هؤلاء حين يُصَلُّون إليه ، ويباركهم في كل شيء ويستجيب لكل طلبات نفوسهم عندما يتضرعون إليه . أما الذين يأتون إليه بدون قلوبهمكلها بل بعقلين ... الذين يؤدون أعمالهم لأجل مجد العالم – فمثل هؤلاء لا يصغي لهم الله في أي شيء يطلبونه لكنه يغضب من أعمالهم ، لأنه مكتوب : " الله قد بدّد عظام محاصرك " ( مز53: خ )
هكذا ترون ، كيف يغضب الله من أعمال أولئك ولا يهبهم شيئاً مما يسألونه بل بالعكس يقاومهم لأنهم لا يعملون بإيمان بل بتظاهر . لهذا لا تسكن القوة الإلهية فيهم بل يفشلون في كل أعمالهم وفي كل ما تمتد إليه أيديهم . لأجل هذا هم لا يعرفون قوة الله وكيف تحررهم من الهموم ولم يتذوقوا بهجتها بل تتثقل نفوسهم بالهم في كل أعمالهم .
إن الجانب الأكبر من جيلنا هم هكذا ، فهم لم ينالوا القوة الإلهية التي تُشبع النفس وتملأها بالابتهاج وتجلب لها يوماً بعد يوم المسرة التي تلهب القلب في غيرة الرب . إنهم يعملون أعمالهم كما للناس . لهذا تتخلى عنهم القوة الإلهية لأن الرب يكره من يعمل من أجل مرضاة الناس .
فلعلكم يا أحبائي الذين ازدادت ثمارهم في الرب ، تجاهدون في أعمالكم ضد روح المجد الباطل ، حتى تغلبوا في كل الأعمال وتصبح كل أجسادكم مقبولة ثابتة في سكنى الله ، وتنالوا قوة الله التي هي أفضل من كل شيء . لأني مقتنع يا أحبائي أنه طالما أنكم تعملون كل ما في طاقتكم لمحاربة روح المجد الباطل وتجاهدون ضده باستمرار فإن أجسادكم ستبقى حية .
لأن هذا الروح الشرير يحارب الإنسان في كل عمل للبر تمتد إليه أيديه لكي يجعلها بلا ثمر ويدمرها ، ويعوق الإنسان قدر المستطاع عن أعمال البرّ ، وهو يقاتل كل مَن يُريد أن يحيا بأمانة ، وإذا نال أحد مديح الناس لأمانته أو اتضاعه ، سارع روح الشرّ إلى محاربته فيغلب البعض ويُمزق أجسادهم ويخمدها . وبهذا يستملهم إلى ترك حياة الفضيلة والانغماس في الملذات البشرية ، وهكذا يفسدون (( أجسادهم )) مع أن الناس يحسبون أنهم ربحوا شيئاً . لهذا لا يعطيهم الله القوة بل يتركهم فارغين لأنه لم يجد (( أجسادهم )) نقية فيحرمهم من تعزيات النعمة .
فلعلكم تجاهدون يا أحبائي ضد روح المجد الباطل في كل وقت حتى تقهرونه في كل شيء ، فترافقكم قوة الله في كل وقت .
وسأصلي من أجلكم كي توهبوا هذه البهجة دائماً ، لأنه ليس طريق أفضل من هذا للتحرر من الهموم . وإذا كنتم بعد نوال هذه البهجة ترون أن غيرتكم قد بدأت تفتر وتتخلى عنكم ، فاسعوا إليها ثانية وهي تعود .
لأن هذه الغيرة تُشبه النار التي تحول البرودة إلى مثل حرارتها . وإن وجدت قلبك يتثقل مؤقتاً ، فاستجمع ذاتك واسألها ، حتى تستعيد غيرتها وتشتعل محبة الله . لأن داود النبي يقول أيضاً ، نما رأى قلبه قد تثقل : " فاسكب نفسي عليَّ " ( مز42: 4 ) و " تذكرت أيام القدم . لهجتُ بكل أعمالك . بصنائع يديك أتأمل . بسط يدي . نفسي نحوك كأرض يابسة " ( مز143: 5 6 ) .
هذا ما صنعه داود النبي عندما بردت نفسه حتى استعاد غيرتها ثانية ونال التعزية الإلهية في الليل والنهار . فافعلوا هكذا أيها الأحباء وأنتم تنمون ويكشف الله لكم أسراراً عظيمة .
ليت الله يديم لكم صحة الروح والنفس والجسد ، حتى يأخذكم إلى الملكوت مع آبائكم الذين أكملوا حياتهم حسناً إلى أبد الآبدين .
عن كتاب رسائل القديس أموناس ص 18 - 20
العيد المئوي لكنيسة السيدة العذراء بالفجالة
1884 / 1984
تعريب : القمص متياس فريد + الشماس عزيز ناشد[/center][/size][/b]