ساعدنا أن نشعر بالمتألمين!!
ساعدنا يا إلهي أن نكون مرهفين الإحساس نشعر بكلّ إنسان نتعامل معه. كثيرون المتألمون، ليس فقط الّذين يعانون من الأمراض، ولكن أيضًا المتألمون مما يقع عليهم من ظلم وجرح كرامتهم يوميًا.
ساعدنا يا إلهي أن نشعر بالآخر ونصغي إليه، ونعطيه من وقتنا وخبراتنا لنساعده على الخروج من قوقعته الصغيرة الّتي وُضع فيها بسبب الآلم.
ساعدنا يا إلهي أن نتعلم من الألم، وألاّ نتوقف عنده بل نتخطاه إلى الأمام. نستفيد منه في كلّ الأوقات حتّى وإن كان هذا الألم نتيجة جرح تكوّن في داخلنا.
ساعدنا يا إلهي أن نعرف الدرس الّذي تريد أن تعلمنا إياه من خلال الألم. نعي ونشعر بأنك تدعونا لشيء جميل وكبير بالرغم من هذا الألم.
ساعدنا يا إلهي، أن نشعر بالآخر المتألم الّذي كرس حياته لك، فوجود الصعوبات، والشعور بثقل الصليب،وكلّ هذ1 لأنه يحبّك، فلم يرا سوء هذا الحمل دون النظر والأخذ في الاعتبار، إن هذا الحمل وهذه الصعوبات دليل على أنه يسير في دربك وأن يتذكر الهدف ولا يتوقف عند الألم.
إنّ الألم وإن اختلفت أنواعه إلاّ أنه يقع على الإنسان، وهناك ألام تمضي ويمضي معها الأمل، وهناك ألام تظل موجودة في داخل الإنسان ولكنها تساعد على خلق شيء جديد في حياتنا. لقد تألم "القديس بولس" ولكن ألمه كانت تخلق شيء جديد بداخله. كان يشعر بالمتألمين وكان يصلي لهم يحاول الذهاب لملاقاتهم.
كثيرون منا يقفون عاجزين أمام موقف أو حادث يتسبب في ألام جسدي أو جرح نفسي، وينتهي بهم المطاف لضياع الهدف الّذي تألم من أجله، ولكن كلّ شخص بداخله طاقات يستطيع أن يغزو بها أقوى مجالات الحياة. ويا للأسف عند إحساس أحد منا بألم نجعل هذه الطاقات تُهدر بدون الاستفادة منها، ولا نعرف أن هذه الطاقات قادرة على تحطيم أكبر ألم في العالم.أن كنا نؤمن أن الموت هو جزء من الحياة فلماذا لا ندرك أن الألم هو جزء من الحياة، بدون الألم لا نشعر بقيمة الحياة والأمان، بدون الحزن لا نشعر بالفرح، بدون البكاء لا نشعر بصفاء الحياة.
يارب لماذا،لا نُبالي بالآخر عندما يكون في آلام أو جرح. هل غيرنا هم الّذين يقولون «أجعلنا أن نكون جسدًا واحدًا وروحًا واحدًا» قبل تناولنا جسد أبنك يسوع المسيح في سرّ الإفخارستيا. أؤمن بأن الشخص الّذي أستطاع أن يتذوق الشعور بحضور الله، هو ذاته الشخص الّذي يشعر بألام الآخر، وأن كُنا يومًا غير مبالين بألم أحد منا فهذا يعني أننا لا نعرف الله إلا بمجرد كلامات تخرج من فمنا من دون وعي. وهذا تناقض في حد ذاته. أي أننا نُنكر وجود الله عندما لا نشعر بألأم أحد منا، ليس هذا الآخر الّذي نتحدث عنه في بلدٍ أو كوكب آخر بل بجواري في المدرسة أو في الجامعة والعمل والكنيسة والبيت والدير. من لا يشعر بآخر بجواره كيف يشعر أن الله موجود؟.
لم يخطأ كثيرٌ من الفلاسفة عندما شَبَّه الآخر بالعديد من التشبيهات فقال سارتر: "أن الآخر جحيم بالنسبة لي" وقال كير كجارد بعد أن شعر بالوحدة في حياته: "أن الوجود هو إنفصال وعزلة عن الآخرين". هؤلاء وكثيرون قالوا هذا لأنهم عاشوا خبرات أليمة وصعبة، وربما لم يشعر أحد من المحطين بما يجول بخاطرهم وما ينتابهم من مشاعر داخلية، ربما لم يجدوا شخصًا مصغيًا يتحدثون معه ويفضفضون إليه بما في داخلهم من ألام وأحزان وأحلام وأمنيات.
إن كنا نُدعى مسيحيين لأننا نتبع المسيح، فعلينا أن نفعل إذًا مثلما فعل السيد المسيح، أنّه الشخص المرهف الإحساس، كان ينتبه لكلّ ما يقوله ويفعله لكي يساعد ولا يهدم فشعر بالمرأة الخاطئة قبل أن تتلفظ بكلمة واحدة، وشعر بمريض بركة بيت حَسْدا شعر بألأمه من دون أن يتفوه هذا الرجل بكلمة واحدة له, وطلب منا أن نفعل مثلما فعل.
فإن كنا لا نشعر وننتبه بألم بعضنا. أن كنا نجرح بعضنا بقصد بدون إدراك هذا. وأن كنا نُهبت من عزيمة بعضنا ونظهر العيوب قبل الميزات. وأن كنا مرددًا كلامات بدون فهمها والعمل بها. وأن لم يكن لدينا الشعور بالمسؤولية اتجاه بناء بعضنا ،فنحن لسنا مسيحيين ولم نعرف المسيح حتى الآن، لا بل نحمل لقب مسيحيين فقط خوفاً من نظرة المجتمع لنا.
المسيحي الحقيقي هو من يحبّ ويشعر بالآخر ويعي أن هذا الآخر هو إنسانٌ وليس شيئًا.
المسيحي الحقيقي هو من يرفع من شأن الآخر ويحبّ لنفسه ما يحبّ لأخيه حتى وأن كان هذا الآخر مختلف عنه في الدين أو العقيدة.
المسيحي الحقيقي هو من يشعر بالآخر لأنه يشعر بوجود الله. المسيحي الحقيقي هو من يختار البناء والنقد الإيجابي. المسيحي الحقيقي هو من يحاول أن يكون مسيحًا آخر، ويعمل أعماله لكي كلّ من يراه يمجد المسيح والأب الّذي في السموات. إن كان العالم لا يشعر بقيمة الإنسان، فهل نسير نحن المسيحيين على خطاه. أعتقد أن لنا رسالة مختلفة، علينا الشعور بالآخر، أن نعرف ونعي بالآخر وليس لما يفعله الآخر .
يا إلهي، أجعلنا نشعر ببعض بالرغم من ظروف الحياة الصعبة والسريعة.
يارب أجعلنا نُساعد بعضنا على النمو والتقدم نحو الكمال والقداسة.
يا يسوع أجعلنا نُعطي قيمة حقيقة للآخر لا يكون مجرد تكرار كلامات عن الآخر واستهلكها فقط في التعاملات، بل أجعنا أبناء حقيقيين لك نعيش مثلما أنت عشت على هذه الأرض يا قائدنا في الحب والتضحية والسمو بالآخر، أجعلنا نقدم بعضنا البعض في الكرامة والمحبة وساعدنا أن نشعر ببعضنا البعض.
بقلــــــــــــــــــــــــــم
الإكليريكي/ مايكل عادل أمين
حقوق الطبع والنشر محفوظة
amenmichael@gmail.com