[b][size=24]إيران والفاتيكان وإسرائيل في المنتصف
[url=https://servimg.com/view/13665374/65][img]
https://i.servimg.com/u/f86/13/66/53/74/thumb14.jpg[/img][/url] هل كانت إيران ـ الخوميني وراء محاولة اغتيال البابا يوحنا بولس الثاني عام 1981 ؟
ولماذا اهتم الموساد بشكل خاص بالكشف عن تجنيد محمد آغا في إيران لاغتيال البابا ؟
وهل حصدت إسرائيل ثمار هذا الكشف من خلال إنشاء الفاتيكان علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ؟
دراسة من إعداد : إميل أمين - مصر
من موقع أبونا
www.abouna.comلم يكن نهار الأربعاء الثالث عشر من مايو قبل نحو ربع قرن من الزمان يوما اعتياديا في ساحة القديس بطرس في
الفاتيكان بروما... كان البابا يوحنا بولس الثاني يستقل المركبة البابوية
" كامبغنولا" بمقعدها الجلدي الأبيض الشهير ... وصل البابا إلى الحشد وحمل طفلة محتضنا إياها ومن ثم أعادها إلى أمها المبتهجة .. لم يكن البابا يوافق أبدا على أن يوضع في قفص مضاد للرصاص كلما ظهر علانية ... كما انه كان قد رفض نصيحة مدير الاستخبارات المركزية الأمريكية وليام كيسي بارتداء سترة واقية من الرصاص... كان يرى أن ذلك ضد كل ما تمثله البابوية... لم يكن يخطر ببال احد أن رصاصات ستنطلق من على مقربة منه لتمزق أحشاءه....كان الموت قريبا لكن يبدو أن يد العناية الإلهية كانت اقرب...غير أن المثير في الأمر برمته أن أحدا من أجهزة استخبارات أوربا إضافة إلى أمريكا لم يكن لديه الجواب القاطع عمن كان وراء محاولة الاغتيال.... كان الأمر يزعج البابا ويقلق واشنطن.... شخص واحد فقط كان يشغل في ذلك الوقت منصب مدير جهاز أل " ها موساد لي تيوم" الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية كان يشغله الأمر كما البابا فقد رأى أن الأمر فرصة ذهبية لتحقيق حلم طال انتظاره ....هكذا تجلى في سماوات جريمة القرن مثلث يمتد من روما مرورا بتل أبيب وصولا إلى المفاجأة الكبرى ... طهران ؟ ماذا جرى في ذلك النهار وما هي ابعاد تلك القصة التي يعلن عنها للمرة الأولى بعد ربع قرن من الزمان؟
لعقود طويلة عانى اليهود في أوربا من رجال الدين ـ الاكليروس حتى انه في بعض المناسبات الدينية كان لا بد من إحضار احد هؤلاء وصفعه أمام العامة والاستهزاء به دلالة على وضاعة اليهود عموما وردا لما اقترفت أياديهم من إحداث عذابات بالسيد المسيح حسب الفكر المسيحي.
غير انه مع حلول القرن السادس عشر الميلادي وظهور الانشقاق اللوثري الذي قاده مارتن لوثر الألماني بدأت الأحداث تنعطف في اتجاه أخر ، يميل أصحابه إلى اليهود ومن هنا كانت البدايات للدعم الأوروبي والذي سيتحول لاحقا أمريكيا لكل ماهو يهودي ، غير أن العداء الرئيسي ظل باقيا على حاله بين الفاتيكان تلك المؤسسة التي يتبعها روحيا الكاثوليك حول العالم والذين يتجاوزن اليوم نحو مليار وثلاثمائة مليون نسمة وبين اليهود كشعب وإسرائيل كدولة حتى العقود الأولى من القرن العشرين وان كان المشهد تغير لاحقا بعد انعقاد المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني في روما "1962-1965 " .
ففي عام 1904 وجه تيودور هيرتزل مؤسس الحركة الصهيونية رسالة للحبر الروماني " بابا الفاتيكان " طالبا دعم الفاتيكان لعمليات تهجير اليهود إلى فلسطين ، غير أن البابا الكاثوليكي لم يجبه في طلبه وأبدى رفضه للتعاطف مع الحركة الصهيونية ووجه ردا قال فيه " رغم إننا لا نقدر على منع اليهود من التوجه إلى القدس ، لكننا لا يمكننا أبدا أن نقره وأضاف البابا " إن اليهود لم يعترفوا بالسيد المسيح ، وانه إذا جئتم إلى فلسطين وأقمتم هناك سنكون مستعدين كنائس ورهبان لان نعمدكم ".
كانت الإجابة تمثل رفضا فاتيكانيا مطلقا للكيان الصهيوني الناشئ وتدلل على قوة وصلابة تلك المؤسسة التي قال عنها أول رئيس وزراء إسرائيلي " دافيد بن جوريون " انظروا إلى عدد الأشخاص الذين يستطيع البابا حشدهم لمساعدته".
والمحقق تاريخيا انه منذ العام 1581 والفاتيكان يعيش تحت مظلة حكم رسمي أصدره البابا غريغوريوس الثالث عشر بإدانة اليهود يقول نصه " إن خطيئة الشعب الذي رفض المسيح وعذبه تزداد جيلا بعد جيل وتحكم على كل فرد من أفراده بالعبودية الدائمة".
ورغم أن وثيقة NOSTRA AETATE " " " في أوقاتنا الحالية" والتي صدرت في ستينات القرن الماضي قد حاولت التخفيف من غلواء التعامل الكاثوليكي مع اليهود إلا أن حزازات الصدور كانت لا تزال قائمة كما هي ولم توجد أبدا علاقات دبلوماسية بين الفاتيكان وإسرائيل .
ورغم تلك القطيعة كانت إسرائيل وقادتها ينظرون بافتنان لمفهوم اختيار البابا كحاكم مطلق يتم انتخابه مدى الحياة وكقائد ليس عرضه للمحاسبة أمام أي سلطة قضائية أو يخضع لأي سلطة تشريعية .
ولان الحضور الكاثوليكي ضارب جذوره حول العالم فكثيرا ما كانت أجهزة إسرائيل الاستخبارية السرية تسعى جاهدة لتعظيم الاستفادة من هذا التواجد الكوكبي غير انه في مواجهة الأبواب الفاتيكانية الموصدة أمامها كان قادتها يعودون يجرون خيبة الآمال رسميا وسريا سيما بعد فشلهم في محاولة تجنيد أي من رجال الدين العاديين أو المتنفذين من حول البابا كأعضاء الكوريا الرومانية " حكومة الفاتيكان " ليصبحوا أعين لإسرائيل داخل الكرسي ألرسولي .
ومع انتخاب البابا البولندي الأصل " كارول فوجتيلا " والذي سيختار اسم يوحنا بولس الثاني عام 1978 كان الفاتيكان يرفض ويجدد رفضه بشدة الاعتراف الدبلوماسي بإسرائيل وقد وسم هذا البابا بنوع خاص بتعاطف ما مع القضية الفلسطينية كامتداد لذات الرؤية الفاتيكانية القائمة ضمن أمانة سر الدولة أي وزارة الخارجية في مدينة بطرس والتي تصر على أن الضفة الغربية وقطاع غزة أراضي محتلة والى مرتفعات الجولان على انه تم ضمها من سورية إضافة إلى رفض سيطرة إسرائيل على مدينة القدس المقدسة لدى الأديان الثلاث كما أن البابا كان قد استقبل ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية وكبار مساعديه في عدة اجتماعات خاصة مطولة وفي كل مرة كان يوحنا بولسالثاني يؤكد التزامه بإيجاد وطن للفلسطينيين وقد نجح ضابط الاتصال بين البابوية ومنظمة التحرير " الكاهن ابراهيم عياد " العربي الأصل في خلق عاطفة وجدانية قوية جعلت قادة إسرائيل يفقدون صوابهم وقد ساعد عياد عرفات على كتابة رسالة سنة 1980 إلى البابا يوحنا بولس الذي ابتهج عند تلقيها تقول " اسمح لي أن احلم من فضلك ... أراك تذهب إلى القدس محاطا باللاجئين الفلسطينيين العائدين وتحمل أغصان الزيتون وتوزعها عند قدميك".
ليس هذا فقط بل إن الكاهن النشيط – ضابط الاتصال رتب لقاء بين وزير خارجية منظمة التحرير الفلسطينية والكاردينال كاسارولي وزير خارجية الحبر الأعظم " البابا" وعلى اثر الاجتماع تم توسيع مكتب الشرق الأوسط والسفارة البابوية لدى المنظمة وتم توجيه سفراء الحبر الأعظم بان يحثوا الحكومات الممثلين لديها على دعم طموحات منظمة التحرير الفلسطينية في إنشاء دولة للفلسطينيين .
كانت تلك التحركات تصيب إسرائيل بالرعب في الوقت الذي كانت فيه علاقاتها الرسمية مع الفاتيكان ما تزال محدودة والزيارات الحكومية قليلة ولا يمثل مبعوثوها الرسميون سوى دقائق قليلة في حضرة البابا .
كانت إسرائيل تبحث عن مدخل وطريق لعقل وقلب الفاتيكان والبابوية وبخاصة أنها كانت تدرك أن مرحلة متقدمة من العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية والكرسي ألرسولي تتجلى في الأفق.
فغداة فوز حاكم كاليفورنيا الجمهوري رونالد ريجان بمنصب الرئاسة الأمريكية عين في ذات الوقت وليام كيسي مديرا لإدارة المخابرات المركزية الأمريكية CIA ، كان ريجان ابن لأب ايرلندي كاثوليكي من الطبقة العاملة وأم بروتستنتية ، كان يشعر بالارتياح في التعامل مع رجال من الطبقة العاملة من ذوي الأصول الكاثوليكية، رجال عصاميون مثل كيسي الكاثوليكي الورع الذي شاركه الكثير من طباعه وبسبب هذا التجانس كان معظم الرجال الذين عينهم ريجان في أهم المراكز السياسية في أدارته من الكاثوليك مثل وزير الخارجية ألكسندر هيج ومستشار الأمن القومي ريتشارد ألن ... كان جميعهم يرون اقتناع الكنيسة الراسخ بمناهضة الشيوعية .[/size][/b]