[b][size=24]من كتاب المسيحية في عقائدها 347 – 349
الى الاعتراف بكنيسة واحدة يضيف قانون الايمان الرسولي: " أومن... بشركة القديسين ". هذا القول الذي يتضمنه قانون الايمان منذ القرن الرابع ، والذي تمتد جذوره الى العهد الجديد عينه ، يلفت نظرنا الى ماهو أساسي في الكنيسة. فهو يضعنا امام السؤال عما تحيا منه الكنيسة وعما هو مقصود فيها. المعنى الاصلي لهذا الاعتراف هو ان الكنيسة هي مشاركة في ما هو قدوس ، مايوجدها هو اشتراكها معا في خيرات الخلاص، ولاسيما الافخارستيا . فالكنيسة، بحسب العهد الجديد، انما تُبنى بالاشتراك معاً في الايمان بالانجيل (را: ف6)، وبالاحتفال معاً بالاسرار ولاسيما الاشتراك في جسد المسيح ودمه (را: 1كو 10: 16)، وبمشاركة الاخوة في ضيقهم (را: رو15: 26، 2كو8: 4، عب13: 16). ومن ثم تصير الكنيسة حقيقة بكلمة الانجيل ، والاسرار، وخدمة المحبة معا. والشركة الافخارستية هي التي قبل اي امر آخر تربط الكنيسة المنتشرة على وجه الارض لتجعلها كنيسة واحدة بالمشاركة في جسد الرب الواحد .
بالمشاركة معاً في ماهو قدوس ، نشترك معاً في من هو قدوس . هذا المعنى اللاحق يعبر مرة اخرى عما هو المقصود بالكنيسة. فالكنيسة هي شركة. وبسبب وجود خدم كهنوتية في الكنيسة، يمكن ايضا وصف الكنيسة بأنها شركة تراتبية. بيد ان ماهو حاسم في وجهة نظر قانون الايمان فهو غير ذلك. ففي شركة القديسين، يتعلق الامر بشركة مع يسوع المسيح (را: 1كو1:9) ، وشركة في الروح القدس (را: في2: 1، 2كو13: 13). انها شركة مع الآب وابنه (را:1يو1: 3، 6). ولكنها ايضا شركة في الألم (را: في 3: 10) وفي آن معاً شركة في التعزية (را: 2كو1: 5- 7)، وفي المجد الآتي (را: 1بط1: 4، عب12: 22- 23). هذه الشركة هي في الوقت عينه عطية ورسالة. اذ لن يكون لنا شركة بعضنا مع بعض الا عندما نحيا في النور ونعمل في الحق (را: 1يو1: 7) .
تضم شركة القديسين المؤمنين من كل الشعوب والازمنة . فبيسوع المسيح وفي الروح القدس، نرتبط بعضنا ببعض في شركة واحدة لاينتمي اليها المؤمنون الذين يحيون الآن وحسب ، بل ايضا المبررون في كل الازمنة. وبذلك تضم شركة القديسين الكنيسة التي على الارض، والطوباويين الذين في السماء، والراقدين الذين في حالة تطهير. كلهم معاً يشكلون جسد يسوع المسيح الواحد ، الذي فيه يقف جميع المؤمنين أمام الله بعضهم من اجل بعض. ولذلك فالقديسون الذين في السماء لا نقتصر على تكريمهم كامثلة للإيمان مشعة، بل نطلب ايضا شفاعتهم (را: دنتسنغر 1821). وعلى النحو عينه نصلي لاجل الراقدين الذين في حالة تطهير. ان اتحادنا بالكنيسة السماوية يتم بأوثق وجه في الليتورجيا عندما نحتفل مع جميع الملائكة والقديسين بتسبيح مجد الله وعمله الخلاصي (را: ل 104، ك 50- 51). " ان شركة القديسين هي الترياق المضاد للتشتت البابلي، وهي تشهد لتضامن انساني والهي عجيب، بحيث لا يمكن لاي كائن بشري ألا يتجاوب مع سائر الناس في أي زمن عاشوا، وفي اي زمن هم مدعوون الى ان يعيشوا. أصغر عمل نقوم بع يترجع صداه في أعماق لا حدود لها وبه يرتعش جميع الاحياء والاموات " (ليون بلوى). ونذكر شركة القديسين هذه خصوصاً في عيد جميع القديسين (1 تشرين الثاني) وفي تذكار جميع الاموات (2 تشرين الثاني).
فهذا التعبير، في معناه الاصلي، لايحدد الاعتراف بالكنيسة تحديداً أقرب وحسب، بل يلج بالحري الى عمق هذا الاعتراف ليبين لنا ما الذي يجعل الكنيسة في الواقع شعب الله وجسد المسيح وهيكل الروح القدس، وكيف تتحقق في الواقع الشركة مع الآب بيسوع المسيح في الروح القدس. وهو يثبت ما يلي: الكنيسة إنما تُبنى وتتحقق باستمرار من جديد كشركة للقديسين من خلال اشتراكها في ما هو قدوس: بالكرازة بالانجيل، وبالاحتفال بالاسرار ولاسيما الافخارستيا، وبخدمة المحبة.[/size][/b]