[b][size=24]التدين داخل أسوار التكريس
• داخل أسوار الإكليريكيات والأديرة والكنائس وجميع المؤسسات الرّوحيّة، هناك أنواعٌ كثيرةٌ من التدين نذكر منها:
1- التدين المعرفي (الفكري):
- يظهر التدين هنا في دائرة المعرفة، حيث نجد المكرّس يعرف الكثير والكثير من الدّراسات الفلسفيّة واللاهوتيّة، ولكن هذه المعرفة تتوقف عند الجانب العقلي الأكاديمي فقط، دون أن تتعدى دائرة الرّوح والسّلوك، ونجد بعض هؤلاء المكرّسين بارعين على مستوى الوعظ والحديث مع الناس، ومع هذا لا يلتزمون بهذه المعرفة في حياتهم اليوميّة، فهناك فجوةٌ بين القول والفعل.
2- التدين العاطفي (الحماسي):
- يظهر هذا النّوع في المبتدئين، حيث نجدهم يبدون عاطفةً جارفةً وحماسًا شديدًا نحو الحياة الرّوحيّة، ولكنهم مازالوا يفتقرون للجانب المعرفي والسّلوكي حتى لا يحدث نوعٌ من الطيش أو التطرف.
3- التدين السّلوكي (تدين العادة):
- تنحصر مظاهر هذا التدين في دائرة السّلوك؛ حيث نجد المكرّس يقوم بأداء جميع الصلوات الواجبة عليه، ولكن بدون معرفة كافية، وبدون عاطفة أو روح فهي مجرد طقوس دينيّة تُؤدى خاليةً من الرّوح، وتتحول تدريجيًا لعادات اجتماعيّة ... حقًا أنَّها عبادة شكليّة بعيدة تمامًا عن العبادة القلبيّة.
4- التدين النّفعي (المصلحي):
- هنا نجد المكرّس يلتزم بالكثير من المظاهر الخارجيّة للتدين، وذلك للوصول إلى مكانةٍ ممتازةٍ عند المسئولين أو لتحقيق أهداف شخصيّة. والمكرّس هنا في هذه الحالة يسخّر الدّين لخدمته وليس العكس، فتجده دائمًا حيث تجد المصالح والمكاسب الشّخصيّة وتفتقده في أوقات الأزمات والاحتياج.
5- التدين التفاعلي (التعصبي):
- يظهر هذا النّوع عند بعض الأشخاص الّذين نتيجة نذر أو تدخل الله في موقفٍ من حياتهم، يتركون كلَّ شيءٍ في سبيل رد الجميل لله، وذلك بدخولهم الإكليريكيّة أو الرّهبنة ... هذا النّوع يحتاج لمزيد من الخطوات العقليّة والعاطفيّة والسّلوكيّة للوصول إلى نضج الدّعوة.
6- التدين الدّفاعي (التعصبي):
- قد يكون هذا التدين دفاعًا عن عقائدٍ أو أفكارٍ أو نمط حياة ... لا بأس في ذلك إلاّ أنَّ هذا التدين تنقصه الجوانب الرّوحيّة وجوانب المعاملات، فقد تكون هذه البداية، ولكنها تحتاج لمسيرة من النّضج لإدراك أنَّ أساس الدّعوة هي المحبة.
- من جهةٍ أخرى قد نجد المكرّس يهرب من قصوره وعجزه ومواجهته للواقع متحصنًا داخل أسوار الإكليريكيّة أو الرّهبنة.
7- التدين المرضي (الذّهني):
- يظهر هذا النّوع في نوعية المكرّس الّذي يسعى دائمًا وراء المعجزات الخارقة، أو الّذي يتصنع التقوى في سلوكه وكلامه متسترًا على ضعفه وتدهور شخصيته ... إنَّ التدين دفاع نفسي صحي ولكن بشرط أن يكون في الوقت المناسب وبمنهجيةٍ مناسبةٍ.
8- التطرف:
- يعني المغالاة في جانبٍ أو أكثر من جوانب التكريس. فمن المكرّسين ما يتعصب لطائفته ويعتبرها الواحدة الوحيدة المقدسة المعصومة من الخطأ، ومنهم من يهتم بالثّقافة على حساب السّلوك بالرّوحِ، ومنهم من يركز على المشاعر والوجدان متناسيًا الجوانب الأخرى.
9- التصوف:
- تجربةٌ ذاتيةٌ يمر بها قليلٌ من النّاس لهم تركيبة روحيّة خاصة، ليس من السّهل التعبير عنها بالألفاظ. يمر المكرّس بكثيرٍ من المتناقضات، ثم يشعر تدريجيًا وكأنَّه وُلد من جديدٍ فأصبح يرى نفسه وكلَّ ما حوله بنظرةٍ جديدةٍ مختلفةٍ تمامًا، ويحس بسقوط الأقنعة والأحجبة، وأنَّه قد توحد مع الكون أو الطبيعة.
- السّؤال هنا هل يمكن أن نعيش التصوف خلال حياتنا اليوميّة ؟
10- التدين الأصيل:
- هذا هو النّوع الأمثل، حيث نجد المكرّس يتغلغل في دوائر المعرفة والعاطفة والسّلوك، فهو يملك معرفةً دينيّةً كافيةً وعميقةً، وعاطفةً دينيّةً تجعله يحب تكريسه ويُخلص له مع سلوكٍ يوافق كلَّ هذا. وهنا يكون التكريس لله هو الفكرة المركزيّة المُحركة والمُوجهة لكلِّ الأنشطة الخارجيّة والدّاخليّة، ويصبح قوله متفقًا مع عمله، وظاهره منسجمًا مع باطنه. وتجد المكرّس في حالةٍ من التوازن النّفسي تجعله يقابل المحن والشّدائد بصبرٍ ورضا، فإذا قابلته وجدته هادئًا سمحًا راضيًا متزنًا في أقواله وأفعاله، ووجدت نفسك تتواصل معه في سهولةٍ ويسرٍ وأمانٍ.
مستوحاة من مقالة (أبرز عشرة أنواع للتدين في الشّارع)
لـد/ محمد المهدي – الدّستور سبتمبر 2009م
اكليريكي / جوزيف منير [/size][/b]