أما البار فبالإيمان يحيا .. ( عب 10: 38 )
«الإيمان» كلمة عظيمة، ليس من السهل أن نعطيها تعريفًا دقيقًا وشاملاً، إلا أننا يمكننا من عبرانيين11: 27 أن نفهم أن الإيمان هو أن «نرى مَن لا يُرى»؛ أن نرى الله ونحيا في حضرته، أن نجعله أمامنا في كل حين ( مز 16: 8 ) ونتبعه تمامًا.
والإيمان، إن كان في الأساس ليس منا بل هو عطية الله ( أف 2: 8 ، 9)، أي أنه امتياز مُنح لنا كهبة مجانية من الله، إلا أننا مسئولون أن نحيا في كل حين، بل وفي كل لحظة بهذا الإيمان، أن نُعاين الله باستمرار، وأن نمتلئ من رؤية صفاته.
لقد كانت مشكلة الشعب قديًمًا هي أنهم لم يقدروا أن يدخلوا ليتمتعوا بمواعيد الله لهم، ليس لكثرة شرورهم، ولا لجبروت أعدائهم، ولا لقلة عددهم أو انعدام حيلتهم، بل بسبب واحد وحيد هو ”عدم الإيمان“. وبدون إيمان لا يمكن إرضاء الله ( عب 3: 17 - 19؛ 11: 6).
فعندما وصلوا إلى مشارف كنعان (تث1) جاءتهم كلمة الرب على لسان موسى النبي لأن يدخلوا ويطلعوا الجبل، إلا أنهم لعدم إيمانهم الذي لم يرَ قدرة الله، خافوا ولم يتقدموا. فالإيمان وحده هو الذي يرى قدرة الله فوق كل صعوبة مثلما فعل ذلك الإيمان في نفس داود الفتى الأشقر مع حلاوة العينين عندما واجه جليات جبار الفلسطينيين قائلاً له: «هذا اليوم يحبسك الرب في يدي» ( 1صم 17: 46 ). لم تكن عينا داود تريان ذلك العملاق، ولا حتى يديه هو الصغيرتين الغضتين، بل كان يرى الله، فأدرك قدرته غير المحدودة، وانتصر.
ثم نرى الشعب بعد أن حكم الرب عليهم بعدم دخول الأرض وامتلاكها لعدم إيمانهم، نراهم يطغون ويتجبرون ويقتحمون المشهد من ذواتهم غير مُدركين لقداسة الله، فكانت النتيجة أنهم انكسروا وطُردوا كالنحل. فليس سوى الإيمان، هو الذي يقدِّر قداسة الله ويهابه في كل مشهد، حتى لو كان هذا المشهد ملوثًا بإغراء الخطية المُلِّح يومًا فيومًا مثلما حدث مع يوسف.
إننا بالإيمان نُعاين الله «مَنْ لا يُرى». ومَن لا يرى الله لن يرى مواعيده. ومَن يريد أن يرى مواعيد الله ويتمتع بها، عليه أولاً أن يرى الله. وهذا ما حدث مع يشوع وكالب، فدخلا أرض الموعد وتمتعا بالميراث، الأمر الذي خسره ذلك الجيل بأكمله. فهل نحيا نحن بالإيمان؟ ليتنا نفعل ذلك.
منقوووول