قـيامـة الحـبِّ والحريـّة
يقف العالم كلُّه متحيّرًا أمام هذا المشهد العجيب، إله يترك مجده آخذًا شكل عبد متألم مهان مصلوب ومذنب لكي يصنع حوارًا حيًّا مع جنس البشر أجمع. لذلك أمام الأحداث الجارية والاضطرابات والاحتقان المتواجد والمتزايد لحظة بلحظة؛ نجد قيامة مخلّصنا الصالح تعطي رجاءً وقوةً ومعنىً للحياة الصعبة والتي نشعر فيها بعدم الاحساس بحضور الإنسانية الحقّة، وذلك بسبب سوء فكر الإنسان وانشغاله وابتعاده عن روح العدالة والسّلام والحبِّ. أصبح الكثير من البشر يتلذّذون بملذات دنيوية باطلة لا تعطي ماءً فهي آبار مشقّقة تقود للعطش وللجوع وللموت الزمني والأبديّ.
• أمام كل هذه الصراعات البشريّة التي يصنعها البشر بسبب حماقتهم وسوء بصيرتهم الداخلية؛ نجد أحضان السماء الأبويّة الحنونة تحتضن الإنسان الشقيّ التائه والمثقّل بحمل خطاياه. نرى المسيح بموته يحرّر الإنسان من الكبرياء والحقد، لأن الإيمان الحقيقيّ لا يمكن أن يُجسد داخل قلب مملوء قساوة وكبرياء وتجبّر.
• صوت آلام المسيح بمثابة شعاع نور قويّ يقتل ويبدّد كلَّ الجراثيم الشريرة التي كانت تعترض الإنسان في طريقه نحو الله. بالفعل تألم المسيح لكي يجعل الألم شعارًا للحبِّ المضحي الحقيقيّ، وأيضًا ليؤسّس الإيمان لا على كلمات وشرائع وذبائح عديمة النفع بل على أعمال الخير والاحسان والرحمة. فالعالم اليوم في أشد الحاجة ليرى الإيمان متجسّدًا في قلوب الأغنياء والفقراء، الأقوياء والضعفاء، الذين لهم شريعة والذين ليس لهم.
فما الفائدة من الصلاة إن لم تكن حيّة معاشة في الواقع العمليّ ؟ لذلك فقيامة المسيح هي عامل قوي يجعل قلب كل إنسان يتجه نحو خالقه ونحو الآخرين الذين يعيش معهم ويعرفهم.
• قيامة الفادي تعطي جوابًا قويًّا وبرهانًا مؤكدًا على قوة الحبِّ التي لا تموت، حتى وإن ظهرت ضعيفة ومحتقرة، إلاَّ أنها قوية تتحدى كلَّ الصعاب والأمواج والزوبعات.
• قيامة الفادي تمنح الإنسان البشري القوة على الحياة بالروح وسط عالم مليء بالحروب والشهوات والتجارب والمحن. فما أجمل أن يتمسّك كلُّ شخص بمحبة الله له، هذه المحبّة قادرة أن تجذب الإنسان من ضعفه وتمنحه القوة، بل وتعمل على تقديس العالم والأشخاص. نعم، يدعونا الله بقوة قيامته المقدّسة إلى أن ننظر سريعًا إلى محبته عندما نغرق أو عندما تظلم الدنيا من حولنا ويتخلى عنا الأحباب وينسانا الأصدقاء، لا يمكن أن نجد حبًّا مثل الحب الإلهيّ.
قام المسيح يسوع منتصرًا على الموت والحقد والضغينة والشر، فصوت الحبِّ يعلو دائمًا فوق كل صوت. لذلك يريد المسيح أن يقول لك، لا تخف، بل انظرْ إلى محبتي لك وتمسك بوصاياي واحفظها وانقشها على لوحيّ قلبك. ولا تنظر لضعفك بل إلى قوة قيامتي القادرة أن تقيمك وتحرّرك من كلِّ فخاخ العدو المتقدة نارًا.
اجعل حياتك أنشودة قيامة دائمة، ونصرة على العالم وعلى الكبرياء والحقد، فتعيش متحدًا بالله هنا على الأرض وهناك في السماء.
وكل عام وأنتم بخير ..
صلوا لأجلي. مايكل وليم