شعر الأسقف إن شعبه مواظب على حضور الكنيسة بأبهى الثياب و إن الخدام مهتمين بالخدمات الاجتماعية و الرحلات و المعارض و الكورال والتمثيل ، ولكن ساوره بعض القلق ما إذا كان وراء كل هذه الأنشطة روح المسيح أم لا ؟
لبس الأسقف لبس إنسان مسكين و قرع على باب بيت الكاهن ، ففتحت له زوجته فقال لها إن ظروفه سيئة و لا يجد عملا و يحتاج لمساعدة ، فقالت له : أنتم اللي مضيعين البلد ، و عايزين تخدوا كل حاجة من غير ما تتعبوا ، هو إيه اللي يمنع ( شحط ) زيك أنه يشتغل ؟ ثم سألته : هل أنت مسيحي ؟ فأجابها بالإيجاب . فقالت له : طب هسألك سؤال ، كام وصية في الإنجيل ، فقال لها 11 وصية . فغضبت أكثر و شتمته على جهله بدينه و قالت له : أنت إنسان فاشل في المجتمع و في الدين و ما تستحقش تعيش ، لما تعرف عدد الوصايا ابقى تعالى . و رزعت الباب في وشه و هي متأكدة إنها عملت واجبها .
وبعد أسبوع ، طرق الأسقف المتنكر الباب ثانية ، فخرجت له السيدة زوجة الكاهن و أجابته بسخرية : لعلك سألت شخص أكثر جهلا منك عن عدد الوصايا ؟ فقال لها إنه قرأ في الإنجيل و وجدهم 11 وصية ، فاستشاطت غضبا و قالت له : أنت كمان مبتعرفش تقرأ ، تعرف بس تروح تشحت ، اذهب بعيد و إلا حأبلغ البوليس و أعملك محضر تسول .
و في الصباح ذهبت هي إلي الكنيسة و جاء الأسقف بلبسه الكهنوتي ليلقي العظة ، فقال للشعب : هل تعلمون الوصايا التي ذكرت في الكتاب المقدس ، لقد ظن بعضكم إنهم 10 وصايا فقط ، و لكن الحقيقة إنهم 11 وصية . ظهرت الدهشة على كل الموجودين ، فقال لهم الأسقف : ألم يقل المسيح " وصية جديدة أنا أعطيكم أن تحبوا بعضكم بعضا "
فاعترض أحد الشمامسة قائلا : ولكن يا سيدنا إن هذه ليست وصية جديدة . فقال له الأسقف : " يا بني ، أن نحب بعضنا كما أحبنا المسيح ، هل تدرك كيف أحبنا المسيح ، إنه لم يقل كما في العهد القديم ( تحب قريبك كنفسك ) لأنه أحبنا أكثر من نفسه ، إذ بذل نفسه لأجلنا . فهل نعمل ذلك مع الآخرين ، هل نضحى لإسعادهم ، هل نسعى لخلاصهم و نتعب في سبيل ذلك كما تعب بولس الرسول ، هل نضع أنفسنا عنهم ، هل نتنازل عن كرامتنا لنصالح أخوتنا ، هل نهتم بأمورهم و نشعر بمشاعر كل إنسان متألم أو محتاج . "
سالت دموع زوجة الكاهن و هي تسمع تلك العظة و أدركت كيف قست على هذا الشخص و أتهمته بالجهل و شكرت الله الذي أعطاها فرصة لكي تصحح مفهوم الوصية
ليس لاحد حب اعظم من هذا ان يضع احد نفسه لاجل احبائه ( يو 15 : 13 )