مسيرة تريزيا القصيرة المتواضعة أعطتنا وأعطت العالم عبرة لا تقدر بثمن فهذه الطفلة التي عاشت طفولتها كغيرها من الأطفال فأخذت تشق طريقها حينما أدركت في بدايات حياتها أن هنالك شيء يجذبها إليه بقوة وكانت المستجيبة بلهفة الى ذالك الأمر فكانت طريق طفولتها ..
طريق ثقة وإستسلام مطلق وليس هنالك أدنى شك في تربية تريزيا ونشوئها وسط عائلة محافظه وملتزمة أدركت هي أيظا أنها عائلة يسوع الصغيرة فعاشت كما يريد لها يسوع بصلاواتهم وأعمالهم ومسيرتهم العطرة فكانت ثمرة حبهم وزواجهم هذه الطفلة التي أرادها الله لهم أن ينعموا بها لتكون مثال الطفولة .
نعم هذه هي تريزيا الطفلة التي شقت الطريق بثقة مطلقة لأنها تستمد ثقتها وقوتها وإصرارها في الحياة من شخص ثبتها على حب كبير وعظيم .
إخوتي لا بد لي أن أشير الى دور الأسرة هنا في التنشئة المسيحية الصحيحة حيث هي الأساس الذي يقوم عليه إيماننا المسيحي لنثبت أطفالنا على الإيمان الأصيل ليستطيعوا الوقوف أمام التحديات في حياتهم المستقبلية المليئة بالعوائق والمغريات التي تأخذهم الى حيث لا يريدون ، لذلك كان لأبيها دور كبير في حياتها الذي كان يدعوها (( بملكتي الصغيرة )) .
لكن بدء حزن تريزيا وهي في عمر الورود وهي في أمس الحاجة الى شخص يوجهها ويوفر لها الحب والحنان والرعاية فهي فقدت أمها الأرضية لكن أمها السماوية أخذت ترعاها بطريقة عجائبية فرافقتها وخففت عنها الألم والحزن وملأت الفراغ الذي إنوجد بفقدان أمها .
بعدها أخذت تريزيا تفكر بنداء يسوع فكانت دعوه ثمينة منه فأخذت تغتنمها لأنها بالنسبة لها فرصة لا تعوض ويبحث عنها لربما الكثيرين وينتظرون مثل هذه الفرصة الأبديه لحياة ملئها الفرح والسلام . نعم بدت دعوتها ببيت الكرمل فهي لم تكمل عمر الخامسه عشره من عمرها قررت الدخول الى الدير فتم ما أرادت وصبت إليه لا بل ما أراده الله لها فدخلت الدير وعاشت فيه وعانت مانت ولكنها بقيت صامدة وباقيه وقوية وعرفت بكتاباتها وتأملاتها ورسوماتها من وحي تأملاتها بيسوع وكان أملها ورغبتها الوحيدة والكبيرة الموت شهيدة في بلاد الإرساليات لذلك صلت لهم كل حياتها فعرفت وأعلنت شفيعة لهم .
نعم هكذا كانت حياتها الصغيرة حياة الألم ، كما أنها قبلت الأخر بكل فرح لأنها كانت تجد فيهم المسيح على الرغم من بغض الآخرين لها داخل الدير فأظهرت حبها لهم جميعهم لأنها كانت تستمد هذا الحب من قلب يسوع من هذا النهر المتدفق الذي لا ينضب .
تريزيا المتألمة مع مرضها والمتأملة بيسوع المسيح كانا طريقان إتفقا والتقيا في طريق واحد قادها الى الحب الذي أرادت وتريد وهو يسوع المسيح ، فبعد الألم كان الموت .. كان الفراق لكن كانت السعادة في النهاية تجسدت في لقاء من أرادت ومن همس في أذنها وهي في حياتها الأرضية ففهمت هذا الهمس وأدركت ما تريد أو ما يريد منها الله بالأحرى فأستجابت فكانت في حياتها وموتها قديسة ... قديسة الطفولة ، فمن حياتها القصيرة الصغيرة التي شهدت وشهدت حبا كبيرا ليس له مثيل لله والأنسان فعلينا إخوتي أن نأخذ لحياتنا شىء حتى ندرك الطريق الذي يريده الله لا نحن .
أخيرا لا بد لي أن أشير إخوتي الى زيارة ذخائر القديسة تريزيا الطفل يسوع الى الكرك وتحديدا منطقة السماكيه التي إحتضنت هذه الذخائر بحب كبير فكان اللقاء الحميم معها ومع جمع من المؤمنين يوم الجمعه الموافق 11/4/2008 حيث إستقبلت إستقبالا حافلا وإقيم قداس إحتفالي ترأسه المطران سليم الصائغ مع لفيف من الكهنة وعدد من الرعايا المجاورة وكان القاء في كنيسة اللاتين (السماكيه) والمفاجأة الأكبر أن هذه الذخائر مكثت في الكنيسه ليلة كاملة فمكثنا معها حتى الصباح ونحن نعيش معها لحظات ثمينة لا تعوض في الصلاة والتأمل وطلب شفاعتها لدى الله ليستجيب لحاجاتنا الزمنية والروحية وشكرنا الله على هذه النعمة الكبيرة التي حظينا بها ونتأمل أن نعيش على مثال هذه القديسة لنحظى بما حظيت هي من نعم وفيرة .
وبهذه الزيارة الثمينة كتبت عدد من الأبيات المتواضعة التي أتمنى أن تليق بقديسة الطفولة
* تريزيا الطفل يسوع إنت الأمل لكل موجوع ومكسور
* يا حاملة الورد بين يديك زرعت أملا وسقيته من دمك
* كم من كبار صغروا معك وكم من صغير كبرا بك
* تريزيا معك عشقنا الصليب الذي عليه مات الحبيب
* إنت الفرح لكل المهمومين والمحزونين وإنت الشفيعة لكل المرسلين
* ذخائرك إلنا عطر وبخور وبقدومك تأملنا بحبك ليسوع
* سهرنا معك على ضوء الشموع وكتبنا الذكرى لتدوم أياما وشهور
* بالحب ليسوع المسيح تكرستي ومعه وفيه كل لحظة إنشغلتي
* كل ما عند إلو سلمتي وعليه بكل شي إتكلتي
لذا كوني معنا أيتها القديسة الصغيرة العظيمة لنجد الطريق الذي وجدته أنت لنلقى يسوع المسيح .....
من أحبك حتى الجنون يا تريزيا الطفل يسوع
بقلم: تيمور لويس العوابده
tymourawabdeh_(at)_hotmail.com