رحمة الله للخطاة
"الرب رحيم ورؤؤف، طويل الروح وكثير الرحمة" (مز103:
+ يستمر داود في وصف رحمة الله للخطاة، ويقول: "لم يصنع معنا حسب خطايانا- ولم يجازنا حسب آثامنا، لأنه مثل ارتفاع السموات فوق الأرض قويت رحمته على خائفيه، وكبعد المشرق عن المغرب، أبعد عنا معاصينا" (مز103: 8-12).
+ كما قال المرنم: "إن كنت للآثام راصداً يارب. يارب من يثبت؟! لأن من عندك المغفرة" (مز130: 3).
+ وفي معاملة الله للخطاة، أحياناً يعاقب وأحياناً يعاتب، وأحياناً يصمت ويطيل أناته، وأحياناً يُلمح أو ينذر أو يهدد أويقبل الشفاعة من الملائكة والقديسين.
+ ومن أمثلة العقاب: هلاك قوم نوح، وأهل سدوم، وقورح وداثان وأبيرام، وأخاب وإيزابل (1مل21)، وآدم وحواء.. وهيرودس المتكبر (أع12)، ومريم أخت موسى (عد12)، وعخان ابن كرمي.
+ ويطيل الله أناته على الشرير أحياناً، لعله يتوب (رو2: 4)، وإلا يؤدبه في النهاية، أو يعاقبه في الأبدية.
+ وقد عاتب الرب بطرس بحب (يو21). وهدد بعض رعاة كنائس آسيا الصغرى (رؤ2: 5).. وآخرون اكتفى بنصحهم أو إنذارهم دون عقاب لمحبته لهم.
+ ويعتبر الله أن التوبة تمحو الخطية، وبلا عقوبة أحيانا، إذا رجع الشرير عن جميع خطاياه، وعمل حقاً وعدلاً، فكل معاصيه التي فعلها لا تذكر له.. "هل من مسرة أُسر بموت الشرير؟ ألا برجوعه عن طرقه (الشريرة) فيحيا" (خر18).
"لأني أصفح عن إثمهم، ولا أذكر خطيتهم بعد" (إر31: 34).
+ وقد رحم الرب الزانية الباكية وغفر لها (لو7). كذلك المرأة التي أرادوا رجمها (يو8: 7)، والسامرية (يو4)، وراحاب الزانية (يش2: 1-21)، وأغسطينوس ومريم المصرية، وبلاجية وموسى الأسود وشاول الطرسوسي، وأريانوس الوالي، واللص اليمين و...... إلخ.
+ أما الغني الذي لم يصنع رحمة مع لعازر المسكين (لو16) فقد مات بدون عقوبة في الأرض، لكن تنتظره عقوبة أبدية أشد.
+ ويقول قداسة البابا شنودة – بعد ذكر هذه الأمثلة – وغيرها: "ليت كل انسان يحرص- من الآن- ألاَ تكون عقوبته في العالم الآخر، لأنها عقوبة شديدة ومؤبدة (مت25: 46)، أما العقوبة هنا فهي خفيفة ومؤقته. وليتنا نتوب لنستفيد بمراحم الله العظيمة التي وعد بها بكل تأكيد."
+ وهنا ينبه القديس بولس الرسول إلى ضرورة مراعاة أن الله يُمهل الإنسان ويعطيه فرصة للتوبة وإلاَ تعرض لدينونة الله، ولهذا يقول للخطاطيء:
"أفتظن هذا أيها الإنسان الذي تدين الذين يفعلون مثل هذه (الشرور) وأنت تفعلها (فعلاً) أنك تنجو من دينونة الله؟ أم تستهين بعنى لطف الله، الذي يقتادك إلى التوبة ؟ولكنك من أجل قساوتك، وقلبك غير التائب، تذخر لنفسك غضباً – في يوم الغضب- واستعلان دينونة الله العادلة، الذي سيجازي كل واحد حسب أعماله" (رو2: 3-6).
حبيب القلب الطيب