[size=24]سر الإفخارستيا
القسم الثانى: أسرار الكنيسة السبعة من 1322 ـ 1419
1322 ـ الافخارستيا المقدسة تختتم مرحلة التنشئة المسيحية فالذين أكرموا بالكهنوت الملكي بالمعمودية وتصوروا بالتثبيت بصورة المسيح بوجه أعمق يشتركون مع كل الجماعة في ذبيحة السيد نفسه بواسطة الافخارستيا
1323 – إن مخلصنا وضع في العشاء الأخير ليلة اسلم ذبيحة جسده ودمه الافخارستيا لكي تستمر بها ذبيحة الصليب علي مر الأجيال إلى أن يجئ ولكي يودع الكنيسة عروسة الحبيب ذكري موته وقيامته انه سر تقوي وعلامة وحدة ورباط محبة ووليمة فصحية فيها نتناول المسيح غذاء وتمتلئ النفس بالنعمة ونعطي عربون المجد الآتي.
1. الافخارستيا منبع الحياة المسيحية وقمتها
1324 – الافخارستيا هي منبع الحياة المسيحية كلها وقمتها فالأسرار وجميع الخدم الكنسية والمهام الرسولية مرتبطة كلها بالافخارستيا ومترتبة عليها ذلك بان الافخارستيا تحتوى علي كنز الكنيسة الروحي بأجمعه أي علي المسيح بالذات فصحنا
1325 – شركة الحياة مع الله ووحدة شعب الله هما قوام الكنيسة واليهما ترمز الافخارستيا وبها تتحققان و الافخارستيا هي قمة العمل الذي يقدس الله العالم في المسيح كما أنها ذروة العبادات التي يرفعها الناس إلى المسيح وبه إلى الآب في الروح القدس
1326 – بالاحتفال الليترجي نتحد أخيرا ومنذ الآن بليترجيا السماء ونستبق الحياة الأبدية حيث يكون الله كلا في الكل (1 كو 15: 18)
1327 – وقصارى القول أن الافخارستيا هي موجز إيماننا وخلاصته فطريقة تفكيرنا تنطبق علي الافخارستيا في المقابل تثبت طريقة تفكيرنا
2ً. تسميات هذا السر
1328 – يملك هذا السر من غزارة المعاني ما يحمل علي تسميته بتعابير متنوعة يوحي كل منها ببعض من وجوهه فهو يسمى:
الإفخارستيا: لأنه أداء شكر لله فلفظتا (لو 22: 19، 1 كو 11: 24) و ( متى 26: 26، مر 14: 12) تذكران بالبركات اليهودية التي كانت تشيد بأعمال الله ولا سيما في أوقات الطعام: الخلق والفداء والتقديس
1329 – مائدة الرب: فالافخارستيا تذكر بالعشاء الذي تناوله الرب بصحبة تلاميذه عشية آلامه وهي أيضاً استباق لمائدة عرس الحمل في أورشليم السماوية
كسر الخبز: هذه العادة المرعية في الموائد اليهودية كان يسوع يعمد إليها عند بركة الخبز وتوزيعه بصفته المتقدم في المائدة وقد عمد إليها خصوصا في العشاء الأخير وبكسر الخبز عرفه التلاميذ بعد القيامة وهي العبارة التي استعملها المسيحيون الأولون للدلالة علي اجتماعاتهم الافخارستية وهم يعبرون بذلك عن أن جميع الذين يتناولون من هذا الخبز الواحد المكسور أي المسيح يدخلون في الشركة معه ولا يعودون يؤلفون سوي جسد واحد معه
المحفل الافخارستي: وذلك بان الافخارستيا يحتفل بها في جماعة المؤمنين وهي التعبير المرئي للكنيسة
1330 – تذكار ألام الرب وقيامته
الذبيحة المقدسة: لأن الافخارستيا تجسد في الحاضر الذبيحة الوحيدة، ذبيحة المسيح المخلص، وتتضمن تقدمة الكنيسة: وتسمى أيضاً ذبيحة القداس المقدسة، " ذبيحة التسبيح " (عب 13: 15، الذبيحة الروحية، الذبيحة الطاهرة المقدسة، لأنها تكمل وتفوق ذبائح العهد القديم كلها .
الليترجيا الإلهية المقدسة، لأن ليترجيا الكنيسة كلها تجد محورها وعبارتها الأبلغ في الاحتفال بهذا السر. وبهذا المعنى أيضاً نسميها الاحتفال بالأسرار المقدسة. وثمة أيضاً عبارة السر الأقدس، لأن الافخارستيا هي سر الأسرار وتسمى بهذا الاسم الأعراض الافخارستية المحفوظة في بيت القربان .
1331 ـ الشركة: لأننا، بهذا السر، نتحد بالمسيح الذي يصيرنا شركاء في جسده وفى دمه لنكون جسدا واحدا ونسميها أيضاً الأقداس ـ وهذا ما تشير إليه أولا عبارة " شركة القديسين " الواردة في قانون الرسل ـ وخبز الملائكة، وخبز السماء، ودواء الخلود، والزاد الأخير...
1332 ـ القداس (missa باللغة اللاتينية) لأن الليترجيا التي يتم فيها سر الخلاص تنتهي (في الطقس اللاتينى) بإرسال المؤمنين (missio)، ليحققوا إرادته تعالى في حياتهم اليومية.
3ً .الإفخارستيا في تدبير الخلاص
علامتا الخبز والخمر
1333 ـ في صلب الاحتفال بالافخارستيا، نجد الخبز والخمر اللذين يتحولان بكلمات المسيح واستدعاء الروح القدس، إلى جسد المسيح ودمه. وتستمر الكنيسة، في طاعتها لأمر الرب، في تجديد ما صنعته آلامه، تذكاراً له، إلى أن يعود في مجده " أخذ خبزا ..." أخذ الكأس المملوء خمراً .." عندما يصير الخبز والخمر سرياً جسد المسيح ودمه، فهما لا ينفكان يرمزان في الوقت نفسه، إلى جودة الخليقة وهكذا في صلاة التقدمة، نشكر للخالق عطية الخبز والخمر، ثمرة " جهد الإنسان "، ولكننا نشكر له أولا " ثمرة الأرض " وثمرة الكرمة"، وهما من عطايا الخالق وترى الكنيسة في قربان مليكصادق، الملك والكاهن، الذي " قدم خبزاً وخمراً " (تك 14: 18) صورة مسبقة لقربانها
1334 ـ في العهد القديم كان الخبز والخمر يقدمان من بواكير الأرض، علامة اعتراف بالخالق ولكنهما اكتسبا في قرائن سفر الخروج، مغزى جديداً: فالخبز الفطير الذي يتناوله بنو إسرائيل كل سنة في عيد الفصح يذكرهم بخروجهم، على عجل، من عبودية أرض مصر. وأما ذكرى المن في البرية فهي تعيد إلى أذهان بني إسرائيل دائما أنهم يحيون من خبز كلام الله هناك أخيرا الخبز اليومي وهو ثمرة ارض الميعاد وعربون صدق الله في مواعيده " كأس البركة " (1 كو 10 16) التي يختتم بها اليهود الوليمة الفصحية تضفى على فرح العيد ونشوة الخمر، معنى أخروياً نابعاً من ذاك الترقب الماسيوى لأورشليم الجديدة. لقد أضفى يسوع، بإقامته الافخارستيا، معنى جديداً وحاسماً على بركة الخبز والكأس .
1335 ـ معجزات تكثير الخبزات، يوم باركهما الرب وكسرها ووزعها بواسطة تلاميذه لإطعام الجمع، تنبىء بتوافر هذا الخبز الافخارستى الوحيد والماء المحول خمراً في قانا يرمز إلى الساعة التي يتمجد ففيها يسوع، ويعلن اكتمال وليمة العرس في ملكوت الآب، حيث يشرب المؤمنون الخمر الجديد صائراً دم المسيح .
1336 ـ أول إنباء بالافخارستيا قسم التلاميذ بعضهم على بعض، كما أن الإنباء بالآم شككهم " هذا كلام عسير من يطبق سماعه ؟" (يو 6 :60) الافخارستيا والصليب كلاهما حجر عثار ولا يزال هذا السر نفسه سبب شقاق أفلا تريدون أن تذهبوا، انتم أيضاً ؟" (يو 6: 67): سؤال الرب هذا يدوى عبر الأجيال نداء حب إلى التثبت من انه هو وحده يملك " كلمات الحياة الأبدية " (يو 6: 68) وأن من يقبل في الإيمان عطية الإفخارستيا إنما يقبله هو نفسه .
تأسيس الافخارستيا
1337 ـ إن الرب، إذ أحب خاصته غاية الحب. وإذا عرف أن ساعته قد حانت ليمضى من هذا العالم ويعود إلى أبيه، قام عن الطعام وغسل أقدام تلاميذه وأعطاهم وصية الحب. ولكي يورثهم عربون هذا الحب، ويظل أبدا معهم، ويشركهم في فصحه، وضع الافخارستيا تذكاراً لموته وقيامته، وأمر رسله بأن يقيموها إلى يوم رجعته " جاعلاً إياهم كهنة العهد الجديد ".
1338 ـ الأناجيل الازائية الثلاثة والقديس بولس نقلوا إلينا خبر إقمة الافخارستيا والقديس يوحنا يسرد لنا، من جهته، أقوال يسوع في مجمع كفر ناحوم ،وهى أقوال تؤذن بإقامة الافخارستيا، وفيها يعلن المسيح نفسه خبز الحياة النازل من السماء .
1339 ـ لقد اختار يسوع زمن الفصح ليحقق ما أنبا به في كفرناحوم: أن يعطى تلاميذه جسده ودمه
"وجاء يوم الفطير وفيه يحب ذبح حمل الفصح فأرسل (يسوع) بطرس ويوحنا وقال لهما: إذهبا فأاعدا لنا الفصح لتأكله " (...) فذهبا (...) فأعدا الفصح. فلما أتت الساعة جلس هو والرسل للطعام، فقال لهم :" اشتهيت شوه شديدة أن أكل هذا الفصح معكم قبل أن أتألم .
فإني أقول لكم :" لا آكله بعد اليوم حتى يتم في ملكوت الله " (...) ثم أخذ خبزا وشكر وكسره وناولهم إياه وقال :" هذا هو جسدي يبذل من أجلكم اصنعوا هذا لذكرى " وصنع مثل ذلك على الكأس بعد العشاء فقال :" هذه الكأس هي العهد الجديد بدمى الذي يراق من أجلكم " (لو 22: 7 ـ 20 ).
1340 ـ عندما احتفل يسوع بالعشاء الأخير مع رسله أثناء الطعام الفصحى، أضفى على الفصح اليهودي معناه النهائي فانتقال يسوع إلى أبيه، بموته وقيامته، وهو الفصح الجديد، قد تم قبل أواته في العشاء، ونحتفل به في الافخارستيا التي تكمل الفصح اليهودي وتستبق فصح الكنيسة الأخير، في مجد الملكوت .
" اصنعوا هذا لذكرى "
1314 ـ وصية يسوع بأن نكرر أفعاله وأقواله " إلى أن يجىء "، لا تقتصر على أن نتذكره ونتذكر ما قام به، بل تهدف إلى أن يتولى الرسل وخلفاؤهم الاحتفال الليترجى بتذكار المسيح: حياته وموته وقيامته وتشفعه إلى الآب .
1342 ـ لقد ظلت الكنيسة، منذ البدء، وفيه لوصية الرب. فقد قيل في كنيسة أورشليم .
" كانوا يواظبون على تعليم الرسل والشركة الأخوية وكسر الخبز والصلوات (..) وكانوا يلازمون الهيكل كل يوم بقلب واحد ويكسرون الخبز في البيوت ويتناولون الطعام بابتهاج وسلامة قلب " (أع 2: 42، 46) .
1343 ـ وكان المسيحيون يجتمعون خصوصاً " وفى أول الأسبوع "، أي يوحد الأحد اليوم الذي قام فيه يسوع، " ليسكروا الخبز (أع 20: 7) ومن ذلك الوقت حتى أيامنا، نواصل الاحتفال بالليترجيا، بحيث نلقاها اليوم، في كل أنحاء الكنيسة، بنفس الهيكلية الأساسية، وتظل هي محور حياة الكنيسة.
1344 ـ وهكذا من احتفال إلى احتفال، يتقدم شعب الله في طريق حجه، مبشراً بسر يسوع الفصحى إلى أن يجىء (1 كو: 26 )، " وداخلا من باب الصليب الضيق " إلى الوليمة السماوية حيث يجلس المختارين إلى مائدة الملكوت .[/size]